للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلقد (تتابعت على قريش سنون جدبة (١) أقلحت (٢) الجلد وأرقت (٣) العظم) .. وبات الناس في شظف من العيش، بواد غير ذي زرع، كثير الحصى محاصر بالجبال .. طفلة صغيرة كانت تسوق بهمات لأهلها في تلك السنون الجافة .. فيجري لها أمر غريب، تحدثنا عنه فتقول:

(بينا أنا ومعى صنوي (٤) أصغر مني، معنا بهمات (٥) لنا وربا، وأعبد، يردن على السحق (٦)، فبينا أنا راقدة -اللهم- أو مهمومة، إذا أنا بهاتف صيت، يصرخ بصوت صحل (٧)، يقول: يا معشر قريش، إن هذا النبي مبعوث منكم، وهذا أبان مخرجه، فحي هلا بالخير والخصب، ألا فانظروا منكم رجلًا طوالًا، وعظامًا، أبيض بضًا (٨)، أشم العرنين (٩)، له فخر يكظم عليه، وسنة تهدي إليه، ألا فليخلص هو وولده، وليدلف (١٠) إليه من كل بطن رجلًا، ألا فليشنوا (١١) من الماء، وليمسوا من الطيب إليه، وليستلموا الركن، وليطوفوا بالبيت سبعًا، ثم ليرتقوا أبا قبيس (١٢)،


(١) أى سنون لم ينزل بها مطر.
(٢) القلح هو الوسخ، والصفرة في الأسنان لعدم تعاهدها.
(٣) جعلته لينًا.
(٤) الصنو: الأخ الشقيق.
(٥) البهمة ولد الضأن سواء كان ذكرًا أم أنثى.
(٦) السحق هو البالي أو البعيد.
(٧) صوت فيه بحة أو ليس بحاد الصوت.
(٨) البض من البشرة هي الرقيقة النضرة.
(٩) الشمم في الأنف هو ارتفاع القصبة وحسنها واستواء أعلاها، وهو كناية عن الرفعة والعلو والشرف.
(١٠) يمشي.
(١١) يصبوا والمراد الإغتسال به.
(١٢) جبل في مكة.

<<  <  ج: ص:  >  >>