للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فتنبه أحد الأنصار لهذا النداء المتكرر .. وفهم مراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. لقد تحدث أبو بكر وعمر وتحدث المقداد .. ومع ذلك كله ينتظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأيًا آخر له في نفسه وزن لا يقل عن تلك الآراء السابقة ..

كان - صلى الله عليه وسلم - (يريد الأنصار .. وذلك أنهم كانوا عدد الناس .. وذلك أنهم حين بايعوه على العقبة قالوا:

يا رسول الله .. إنا براء من ذمامك (١) حتى تصل إلى ديارنا .. فإذا وصلت إلينا فأنت في ذمتنا .. نمنعك مما نمنع منه أبناءنا ونساءنا .. فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتخوف ألا تكون الأنصار ترى عليها نصرته إلا ممّن دهمه (٢) بالمدينة من عدوه .. وأن ليس عليهم أن يسير بهم إلى عدو من بلادهم.

فلما قال ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له سعد بن معاذ:

لكأنك تريدنا يا رسول الله؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: أجل .. قال:

فقد آمنا بك وصدقناك .. وشهدنا أن ما جئت به هو الحق .. وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة .. فامض يا رسول الله لما أردت .. فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك .. ما تخلف منا رجل واحد .. وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا .. إنا لصُبُر عند الحرب .. صُدُق عند اللقاء .. لعل الله أن يريك منا ما تقر به عينك .. فسر بنا على بركة الله ... فسُرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقول سعد .. ونشطه ذلك) (٣).


(١) الذمام: الحرمة.
(٢) هاجم المدينة.
(٣) هو بقية حديث ابن إسحاق الطويل وله شاهد عند ابن مردوديه من طريق محمَّد بن عمرو =

<<  <  ج: ص:  >  >>