للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان هذا الشاب يتحسر على أبيه مثلما تحسر علي بن أبي طالب على أبيه وهو يشاهد رجاءات النبي - صلى الله عليه وسلم - تتحطم على صخرة العناد في قلب أبي طالب .. ويموت أبو طالب وهو كتلة من العناد .. وها هي الصورة تتكرر على أرض بدر ..

كان عتبة خائفًا أشد الخوف على مسجد قريش أن يدفن في هذا الصباح الممطر الجميل .. عتبة يرى الموت يطل عليهم من فوق الجبال .. يرى الموت في السحاب وفوق نواضح يثرب .. لذلك أرسل حكيم بن حزام إلى أبي جهل لعله يتراجع عن غيه .. أرسل حكيم بن حزام إلى أبي جهل ليعرف رأيه فهو صاحب شر مستطير .. وعقل صغير .. أبو جهل سفيه متهور .. قد يثير الفتنة والمشاكل بين جيش قريش نفسه .. فيكونون غنيمة سهلةً لمحمد وأصحابه .. غنيمة أسهل من قافلة أبي سفيان .. فلا بد من كلمة واحدة .. ورأي واحد ولو كان مرًا.

توجه حكيم كما طلب منه عتبة وقال:

(فانطلقت حتى جئت أبا جهل فوجدته قد نثل درعًا فهو يهنئها (١) فقلت له: يا أبا الحكم إن عتبة أرسلني إليك بكذا وكذا ..

فقال: انتفخ والله سحره حين رأى محمدًا وأصحابه، فلا والله لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبن محمَّد، وما بعتبة ما قال، ولكنه رأى محمدًا وأصحابه أكلة جزور وفيهم ابنه فقد تخوفكم عليه) (٢).


(١) أي يصلحها ويهيئها ويطليها بعكر الزيت.
(٢) أثر حسن. رواه ابن إسحاق ومن طريقه الطبري (٢/ ٤٤٤) وهو حديث ابن إسحاق الطويل وهو ضعيف عدا ما كان له من الشواهد ما يقويه مثل هذا الجزء الذي يشهد له ما عند البزار وهو الحديث التالي.

<<  <  ج: ص:  >  >>