للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا، فتعجبت لذلك، فغمزني الآخر فقال لي أيضًا [سرًا من صاحبه] مثلها، [فما سرني أنني بين رجلين مكانهما] فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل وهو يجول في الناس، فقلت: ألا تريان؟ هذا صاحبكم الذي تسألان عنه) (١) .. سلَّ كل فتىً سيفه ليسبق صاحبه إليه .. لكننا سنسبق الفتيان إلى أبي جهل لنرى ماذا يفعل .. إنه يحرض الناس على القتال .. بل إنه يفعل أمرًا عظيمًا طالما كفر به .. إنه يدعو الله وحده إنه لا يدعو الأصنام .. لماذا

[هل أسلم أبو جهل]

هل أسلم في اللحظات الآخرة .. يقول أحد الصحابة رضي الله عنهم .. (إن أبا جهل قال حين التقى القوم: اللَّهم [أينا كان] أقطعنا للرحم، وأتانا بما لا نعرفه فاحنه الغداة، فكان المستفتح) (٢).

لم يسلم أبو جهل كان يريد استدراج قومه أكثر فأكثر للقتال ..

لا يريد أن تقع كارثة .. فزعامته لقريش مرهونة بهذه المعركة وببقاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيًا ..

كأني بأمية بن خلف يستمع إلى دعائه فيقول: لعنة الله عليك من أفاك .. وقد أنزل الله على نبيه آيات تبشر أبا جهل بما أراد فقال سبحانه: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ


(١) حديث صحيح. رواه البخاري (سيرة ابن كثير ٢/ ٤٤٢) والزوائد بين المعقوفين عند البخاري أيضًا لكن في رواية أخرى.
(٢) رواه ابن إسحاق بسند صحيح ومن طريقه الإمام أحمد: حدثني الزهريّ عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير ... والزهري ثقة وشيخه صحابي والسند مر معنا من قبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>