للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأزقتها .. بل وفي بيت الله الحرام .. ترى هل يتذكر ابن مسعود وهو يقضي على أبي جهل ذلك اليوم الذي كان فيه خائفًا وهو في جوار الكعبة الآمنة ينظر إلى حبيبه ويتمزق حرقة لكنه لا يستطيع فعل شيء؟ فـ (بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي عند البيت، وأبو جهل وأصحابٌ له جلوس، وقد نحرت جزور بالأمس فقال أبو جهل:

أيكم يقوم إلى سلا جزور (بني فلان) فيأخذه فيضعه على كتِفَي محمَّد إذا سجد؟ فانبعث أشقى القوم فأخذه، فلما سجد النبي - صلى الله عليه وسلم - وضعه بين كتفيه، فاستضحكوا، وجعل بعضهم يميل إلى بعض وأنا قائم أنظر، لو كانت لي منعة طرحته عن ظهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والنبي - صلى الله عليه وسلم - ساجد ما يرفع رأسه، حتى انطلق إنسان فأخبر فاطمة، فجأت وهي جويرية، فطرحت عنه ثم أقبلت عليهم تسبهم. فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاته رفع صوته، ثم دعا عليهم، وكان إذا دعا .. دعا ثلاثًا، وإذا سأل سأل ثلاثًا، ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللَّهم عليك بقريش .. اللَّهم عليك بقريش .. اللَّهم عليك بقريش .. فلما سمعوا صوته ذهب عنهم الضحك، وخافوا دعوته. ثم قال: اللَّهم عليك بأبي جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط" (١) سقط هؤلاءكلهم .. كلهم إلا عقبة بن أبي معيط؟! فأين هو .. ؟ هذا المجرم لا يزال حيًا .. إنه بين الأسرى ولا أدري ماذا سيفعل به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكنه يتعذب الآن بمنظر شركائه في الإجرام وقد بدأوا ينتنون وينتن شركهم .. وقد تحققت دعوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندما:


(١) حديث صحيح. رواه مسلم كتاب الجهاد والسير، والبيهقيُّ (٢/ ٢٨٠) واللفظ له .. وما بين القوسين داخل الحديث من صحيح مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>