للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَادِقِينَ (٣٤) أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (٣٥) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ (٣٦) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (٣٧)} (١).

يقول جبير: (فلما بلغ هذه الآية: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (٣٥) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ (٣٦) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (٣٧)}. كاد قلبي أن يطير) (٢).

كان جبير خلف الجدار يشقى بقلبه بينما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وبقية الصحابة ينعمون بالقرآن والصلاة .. حتى أتموا صلاتهم .. ثم سلم النبي - صلى الله عليه وسلم - وسلم الصحابة من خلفه وبعد قليل انصرفوا وانصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - .. فتوجه إليه جبير بن مطعم .. فاستقبله النبي - صلى الله عليه وسلم - بكل الوفاء والعرفان مذكرًا إياه بكرم أبيه "المطعم بن عدي" .. قدَّم جبير للنبي - صلى الله عليه وسلم - التماسًا يطلب فيه إطلاق الأسرى من قريش .. لكن إجابة الرسول - صلى الله عليه وسلم - كانت مخرسة .. لقد قال له: (لو كان المطعم بن عدي حيًا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له) (٣) .. فهِمَ جبير بن مطعم إجابة النبي - صلى الله عليه وسلم - .. فانصرف بغير القلب الذي جاء به .. يحمل إيمانًا يصارع كفرًا .. يحمل همَّ عمه الذي قتله حمزة .. ويحمل تقديرًا للنبي - صلى الله عليه وسلم - وإجلالًا بعد أن سمع ما يسر من ثناء على أبيه واحتفاظ بالجميل .. عاد جبير إلى مكة ولم يعد الأسرى .. وما زال أبو العاص بن الربيع بينهم .. وذات يوم يصل إلى المدينة رجل يحمل مالًا ويحمل قلادة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيأخذ عليه السلام تلك القلادة .. وتهتز نياط قلبه وهو يقلبها .. وتتعلق عيناه بها


(١) سورة الطور: الآيات ٧ - ٣٧.
(٢) حديث صحيح. رواه البخاري (٤٨٥٤).
(٣) حديث صحيح. رواه البخاري (٤٠٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>