للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتحمله بعيدًا .. بعيدًا حيث خديجة .. حيث زينب وحيث مكة الحبيبة .. فينضح قلبه بالحزن .. ولسانه بالرجاء لأصحابه أن يخففوا أحزانه وأحزان حبيبته .. فيتأثر من حوله بمشهد الحرمان والشوق .. والغربة الذي يحيط بهذا النبي وأهل بيته صلوات الله عليهم جميعًا ..

تقول عائشة رضي الله عنها: (لما بعث أهل مكة في فداء أسراهم بعثت زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في فداء أبي العاص بن الربيع بمال، وبعثت فيه بقلادة لها كانت لخديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى عليها، فلما رآها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رق لها رقة شديدة وقال:

إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها، وتردوا عليها الذي لها فافعلوا .. فقالوا: نعم يا رسول الله .. فأطلقوه وردوا عليها الذي لها) (١) وقبل أن ينطلق أبو العاص إلى زينب أكد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه سيبعث بزينب وذلك بتحديد مكان تلاقي فيه من سيرسله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمرافقتها في طريق هجرتها ..

هذا المكان هو أحد بطون الأودية واسمه (بطن يأجج) وهو قريب من مكة .. ثم توجه أبو العاص إلى مكة .. ولما وصل إلى زينب فرحت به وفرح بها وسلمها قلادتها وحريتها .. فاختارت الله ورسوله وتوجهت إلى (بطن يأجج) أما في المدينة فقد (بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زيد بن حارثة ورجلًا من الأنصار فقال: (كونا ببطن يأجج حتى تمر بكما زينب فتصحبانها حتى تأتياني بها، فخرجا مكانهما وذلك بعد بدر بشهر أو


(١) سنده صحيح. رواه ابن إسحاق (سيرة ابن كثير ٢/ ٤٨٤): حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة .. وهذا السند قد مر معنا فيحيى ثقة (التقريب ٢/ ٣٥٠) ووالده أوثق منه (التقريب ١/ ٣٩٢) وهو تابعي تولى القضاء زمن أبيه والحديث عند أحمد (٦/ ٢٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>