للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحد هؤلاء الأسارى وبين والد أحد أولئك الأطفال .. عندما (جاء غلام من أولاد الأنصار إلى أبيه فقال: ما شأنك؟ قال: ضربني معلمي. قال: الخبيث يطلب بذحل بدر؟ والله لا تأتيه أبدًا) أي يأخذ ثأره مما حدث له في غزوة بدر بضرب ذلك الطفل. وبذلك يؤكد الرسول - صلى الله عليه وسلم - مبدأ العلم وأنه (فريضة على كل مسلم) (١) كما يفتح - صلى الله عليه وسلم - باب خدمة المجتمع كبديل للحبس.

فتعلم جزء كبير من أبناء الأنصار القراءة والكتابة .. وتفوق المسلمون على عدوهم حربًا وعلمًا .. وعاد بقية الأسرى إلى مكة بعد أن أدوا تلك الوظيفة الاجتماعية .. أصابت الدهشة جزيرة العرب لهذه النتيجة .. وتفاقم الحقد في نفوس اليهود وضاقوا بما جرى .. ولا أدري لماذا كل هذا الحقد والحسد والأمر كوجه الشمس .. إنه النبي الذي جاء ليحررهم من الاضطهاد والطغيان ويخفف عنهم بعض الأحكام التي عوقبوا بها لتمردهم .. لا أدري لماذا كل هذا التبرم والعناد وهم يعرفون أنه {الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} (٢) .. وقد استطاع الأحبار والرهبان بعد موت موسى ورفع عيسى عليهما الصلاة والسلام أن يحذفوا اسم محمَّد - صلى الله عليه وسلم - من التوراة والإنجيل .. لكنهم لم يتمتعوا


= علي بن عاصم فهو صدوق يخطئ (التقريب ٢/ ٣٩) وجل من لا يخطئ لكنه يصر .. وهو هنا لم يخطئ فقد تابعه الثقة خالد بن عبد الله الطحان وهو ثقة ثبت من رجال الشيخين (التهذيب ٣/ ١٠٠).
(١) حديث صحيح. (صحيح الجامع ٢/ ٧٢٧).
(٢) سورة الأعراف: الآية ١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>