للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر .. ويذهل عبد الله عن كل شيء سوى الشهادة .. يقول جابر رضي الله عنه: (اصطبح -والله - أبي يوم أحد الخمر ثم غدا فقاتل) (١)، ولم يكن والد جابر هو الوحيد الذي شرب خمرًا ذلك الصباح .. فلقد (صبح أناس غداة أحد الخمر) (٢) .. فهل كانت أحزانهم كأحزان عبد الله الذي يغادر بيته وبناته .. ويترك لابنه جابر من الهموم والمسؤوليات الشيء الكثير .. لكن جابرًا أهلٌ لتحمّلها .. لأن الإِسلام جعل من جابر بن عبد الله إحساسًا مرهفًا .. غيمة تهمي حنانًا وربيعًا على أخواته المسكينات .. يقول جابر رضي الله عنه إن والده (ترك عليه دينًا) (٣) و (ترك تسع بنات كن لي تسع أخوات) (٤) مسؤولية جسيمة لا تنقضي. يقول - صلى الله عليه وسلم -: (من عالَ جاريتين حتى يدركا، دخلت أنا وهو الجنّة كهاتين) (٥)، أي كالأصبعين المتجاورين .. هذا إذا عال الرجل فتاتين .. فكيف إذا كان تحت رعايته تسع بنات .. ؟

كم يحب الإِسلام البنات ويعتني بهن .. ويطالب بحبهنّ والعناية بهنّ .. هنيئًا لجابر .. وهنيئًا له موقعه بين نظاري المدينة الذين يحرسون ثغورها .. ويسهرون حمايةً لها .. بشَّرهم - صلى الله عليه وسلم - وبشَّر غيرهم عندما قال: (عينان لا تصيبهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله) (٦).


(١) سنده صحيح رواه ابن إسحاق ومن طريقه الحاكم (٣/ ٢٠٢): حدثني وهب بن كيسان عن جابر، ووهب تابعي ثقة سمع من جابر انظر: التهذيب (١١/ ١٦٦).
(٢) حديث صحيح رواه البخاري (٤٦١٨).
(٣) حديث صحيح رواه البخاري (٤٠٥٢).
(٤) حديث صحيح رواه البخاري (٤٠٥٣).
(٥) حديث صحيح: صحيح الجامع (٢/ ١٠٩٢).
(٦) حديث صحيح ... صحيح الجامع (٢/ ٧٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>