للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على الموت .. كل هذا الاحتفاء والعشق الذي يحرق الأكباد .. إنها الجنّة.

وهؤلاء الرجال يحتقرون أعمارهم وأعمالهم وفداءهم إذا ما قارنوها بثوابها عند الله .. إنهم مسافرون إلى الخلود .. فلو ضرب المؤمن سنين عمره في عدد حبات الرمال المنثورة على وجه الأرض لما حصل على عدد يقارب سنين عمره في الجنّة .. فكيف يلام شيوخ كعمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو بن حرام وحسيل .. كيف يلام هؤلاء الشيب إذا ما نافسوا الشباب على ظهور الخيل والموت وهم يسمعون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (يدخل أهل الجنةِ الجنةَ جردًا، مردًا، كأنهم مكحلون، أبناء ثلاثٍ وثلاثين) (١) (لا يسقمون ولا يبولون، ولا يتغوّطون، ولا يتفلون، ولا يمتخطون) (٢)، قال بعض الصحابة للنبى - صلى الله عليه وسلم -: (فما بال الطعام؟ قال: جشاء ورشح كرشح المسك) (٣)، (ينادي منادي: إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدًا، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدًا، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدًا، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدًا) (٤) فـ (إذا دخل أهل الجنة الجنّة وأهل النارِ النارَ يجاء بالموت كأنه كبش أملح، فيوقف بين الجنّة والنار، فيقال:

يا أهل الجنّة هل تعرفون هذا؟ فيشرئبون، فينظرون، ويقولون: نعم .. هذا الموت. وكلهم قد رآه، ثم ينادي: يا أهل النار هل تعرفون هذا؟ فيشرئبون، فيقولون: نعم .. هذا الموت .. وكلّهم قد رآه، فيؤمر


(١) حديث صحيح انظر: صحيح الجامع (٢/ ٣٤١).
(٢) حديث صحيح متفق عليه - المشكاة (٣/ ١٥٦٤).
(٣) حديث صحيح رواه مسلم - المشكاة (٣/ ١٥٦٤).
(٤) حديث صحيح رواه مسلم - المشكاة (٣/ ١٥٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>