للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويقول جبير بن مطعم أيضًا: (أضللت بعيرًا لي يوم عرفة، فخرجت أطلبه، فرأيت النبي-صلى الله عليه وسلم- واقفًا مع الناس بعرفة. فقلت: هذا من الحمس، فما شأنه ها هنا) (١).

كان امتياز قريش هنا زائفًا .. ففر الصواب من بين جموعهم واستقر على بعير محمد-صلى الله عليه وسلم- .. تلك هي الفطرة السليمة التي تأبى الانحراف وتلك هي الغربة المريرة التي يعانيها أفذاذ من الـ:

[غرباء]

كان محمد -صلى الله عليه وسلم- غريبًا في أرض مكة .. وجوه يعرفها وقلوب ينكرها .. كان موحدًا على دين أبيه إبراهيم .. يدرك أن الله أعظم شأنًا من أن يصاغ من حديد أو نحاس .. أو ينحت من الصخر أو الخشب .. كان يدرك عظمة هذا الكون وعظمة خالقه .. وفي الغربة نفسها يعيش أفراد قليلون جدًا .. يتوجهون إلى خالقهم الأحد ويعرضون عن هذه الأصنام التي زاحمت الناس على هذه الأرض بغير حق .. عبر الروابي والهضاب والصحاري .. سير حثيث بحثًا عن الحق .. زيد بن عمرو بن نفيل .. وورقة بن نوفل .. بعض هؤلاء الغرباء أصحاب عقول ناضجة .. لم يستسيغوا تلك الحجارة الموضوعة فوق الكعبة .. ولا ما ينسج حولها من أساطير وخرافات .. فأما زيد بن عمرو بن نفيل فقد (خرج إلى الشام يسأل عن الدين ويتبعه، فلقي عالمًا من اليهود فسأله عن دينهم. فقال:

إني لعلى أن أدين دينكم فأخبرني، فقال:

إنك لا تكون على ديننا حتى تأخذ نصيبك من غضب الله. قال زيد:


(١) متفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>