للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يا لإيمان حذيفة .. يا لعتاب حذيفة .. والده المؤمن المجاهد .. تقطعه السيوف .. فلا يتلفظ بكلمة نابية .. ولا حتى بعتاب مجروح .. تنهد قائلًا: غفر الله لكم .. ذرفها حذيفة كالدموع وهو يرى حبيب قلبه .. وصديقه ووالده الحنون يهوي بسيوف أحبابه خطأ .. إن لحذيفة إيمانًا صافيًا كأنهار الجنّة .. رحم الله حسيلًا ورحم الله الرماة .. ورضي الله عنهم جميعًا ..

وفي غمار المعركة الثانية .. كانت سيوف المشركين تنهش لحوم الفرسان ودماءهم .. بينما كان وحشي ينتظر دور الحربة والحرية .. ليجهز على حمزة وليبشّر جبير بن مطعم بـ:

[استشهاد حمزة]

كان حمزة يشاهد ما يحدث ويصمد له حتى لاح فراغ كبير وسط المعمعة .. فانكشف حمزة لوحشي .. سأترك الكلام لوحشي ليحدثنا عما فعله بأسد الله ورسوله حيث يقول:

(خرجت أنظر حمزة وأتبصره، حتى رأيته في عرض الناس كأنه الجمل الأورق يهدّ الناس بسيفه هدًّا، ما يقوم له شيء، فوالله إني لأتهيّأ له، أريده، وأستتر منه بشجرة أو بحجر ليدنو مني) (١).

هكذا كان وحشي يستتر .. يلبس الأحجار والأشجار .. يتقنّع بها خشية أن يراه هذا الموت الهائل الذي يهدّ الناس بسيفين أحمرين .. يهدّ الناس بصوته .. رعدًا يدوي: أنا أسد الله ورسوله .. كان حمزة فارسًا يجوب الشجاعة إلى أقصاها .. بينما كان وحشي ينتظره كي يردفه إلى عالم الحرية ..


(١) حديث صحيح مر معنا وهو حديث وحشي السابق عند ابن إسحاق والزيادة عند البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>