للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تجيبوه؟ قالوا: يا رسول الله ما نقول؟ قال: قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم) (١)، عندها خسئت ألفاظ الشرك .. وتهاوى تمجيد الأصنام .. أمام هذا التوحيد النقيّ الذي لا تشوبه شائبة .. لكن أحد المشركين أراد التطاول على هذا الإخلاص المتوهّج في صدر محمَّد وصحبه عليهم الصّلاة والسّلام .. أراد أن يحمل أصنامه إلى رحاب الله .. فكيف كانت العاقبة .. ؟ يقول بريدة رضي الله عنه:

(إن رجلًا قال يوم أُحد: اللهمّ إن كان محمَّد على الحق فاخسف به .. قال: فخسف به) (٢)، ورأى المشركون المعجزة بأعينهم .. فالتهمت بقية معنوياتهم كما التهمت الأرض ذلك المتطاول .. فولّوا مدبرين إلى مكّة على عجل خشية أن يهبّ المؤمنون مرة أخرى .. فيخطفوا بقايا الفرح التي التقطوها من أرض أُحد ..

وقد يتساءل بعض المشركين وهو في طريق عودته: إذا كان الله قد أعطى محمدًا المعجزات كقتل أبي بن خلف .. والخسف بهذا الرجل .. فلماذا لم ينصره علينا وعلى الدنيا نصرًا مؤزرًا حتى الآن .. ؟! وقد غاب عن ذهن هذا المتسائل المسطح .. أن الإِسلام لا ينتشر بالمعجزات ولا بالخوارق .. لأنها تأتي مع الأنبياء وتغادر معهم .. أمّا الإِسلام فقد جاء للبشر .. وبجهدهم -بعد الله- ينتشر وينداح .. وينتصر .. وبانحطاطهم


(١) حديث صحيح رواه البخاري (٣٠٤١).
(٢) سنده حسن رواه البزار (زوائد-٢/ ٣٢٩) حدثنا عبدة بن عبد الله أنبأنا زيد بن الحباب، أنبأنا الحسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال الهيثمي رحمه الله: رجاله رجال الصحيح .. وهو كما قال إلا أن زيدا من رجال مسلم فقط وحديثه حسن إذا لم يخالف -التقريب (١/ ٢٧٣) شيخ البزار من رجال البخاري فقط وهو الصغار- ثقة: التقريب (١/ ٥٣٠) والحسين بن واقد ثقة من رجال مسلم (السابق-١/ ١٨٠) وعبد الله تابعي ثقة من رجال الشيخين.

<<  <  ج: ص:  >  >>