للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دعا بنمرة، فكانت إذا مدت على رأسه بدت رجلاه، وإذا مدت على رجليه بدا رأسه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مدوها على رأسه واجعلوا على رجليه الحرمل) (١)، وهو نبات صحراوي يستعمل في الطب .. استعمله - صلى الله عليه وسلم - لتكفين الراقد الذي كان يزرع الرعب في قلوب المجرمين وينثر الاطمئنان على صدور المومنين .. هذا الراقد الذي قال عنه - صلى الله عليه وسلم -: (سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب) (٢) .. ثم توجه - صلى الله عليه وسلم - إلى راقد آخر .. وقف عند قبره وتأمّله طويلًا .. راقد جمع المجد من أطرافه .. جمع العلم والفروسية .. على يديه تعلمت المدينة كتاب الله وأصغت إليه طريًا من فمه الطاهر .. إنه شاب ترك مال أمه وأبيه .. ترك الجاه والثراء .. لا لأنه حرام .. ولكنه كان مرهونًا بالشرك .. فرفض الشرك ورفض كل شيء يقدمه الشرك وأهله .. التحق بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وتعلّم منه وتعلم القرآن .. ثم أرسله - صلى الله عليه وسلم - وحيدًا إلى المدينة .. يشع في دورها ويفوح عبيره في أبياتها .. وها هي قصة حياته وشقائه ومعاناته تمرّ في مخيلة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه .. ها هو مصعب راقد بسلام والحزن من حوله أثقل من جبل أحد .. ها هو أحد الذين كانوا يعانون الأمرّين مثل مصعب .. خباب بن الأرت رضي الله عنه يقول عن رفيقه مصعب: (هاجرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نبتغي وجه الله، فوجب أجرنا على الله، فمنا من مضى لم يأكل من أجره شيئًا، منهم: مصعب بن عمير


= ٤/ ١٢) والطبرانيُّ (٣/ ١٤٢) والبزار- زوائد (٢/ ٣٧٢) كلهم من طريق يزيد بن أبي زياد عن مقسم مولى ابن عباس عن ابن عباس. ويزيد ضعيف.
(١) سنده حسن رواه جماعة عن أسامة بن زيد الليثي عن الزهريّ عن أنس .. وأسامة حسن الحديث إذا لم يخالف وهو من رجال مسلم انظر التقريب (١/ ٥٣) والحديث رواه أبو داود (٣١٣٦) والترمذيُّ (١٠١٦) والبيهقيُّ (٤/ ١٠ سنن) والداردطني (٤/ ١١٦) والحاكم (١/ ٥١٩) والطبرانيُّ (٣/ ١٤٤) وحسنه الشيخ الألباني.
(٢) انظر صحيح الجامع للشيخ ناصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>