للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فمكث "خبيب" عندهم أسيرًا، حتى إذا أجمعوا قتله (١)، استعار موسي من بعض بنات الحارث ليستحدّ بها (٢)، فأعارته. قالت: فغفلت عن صبي لي، فدرج إليه (٣) حتى أتاه فوضعه في فخذه. فلما رأيته فزعت فزعةً عرف ذلك مني وفي يده الموسي. فقال:

أتخشين أن أقتله؟ ما كنت لأفعل ذلك إن شاء الله تعالى.

وكانت تقول: ما رأيت أسيرًا قطّ خيرًا من خبيب، لقد رأيته يأكل من قطف (٤) عنب وما بمكة يومئذ ثمرة - وإنه لموثق في الحديد، وما كان إلا رزق رزقه الله "خبيبًا".

فخرجوا به من الحرم (٥) ليقتلوه "في الحل"، فقال رضي الله عنه: دعوني أصلى ركعتين "ذروني أركع ركعتين، فتركوه، فركع ركعتين" ثم انصرف إليهم، فقال:

لولا أن "تظنوا" أن ما بي جزع من الموت لزدت "لطوّلتها"، فكان أوّل من سن الركعتين عند القتل هو. ثم قال:

اللهمّ أحصهم عددًا، واقتلهم بددًا، ولا تبق منهم أحدًا.

ثم أنشأ يقول:

فلست أبالي حين أقتل مسلمًا ... على أي شقّ كان لله مصرعي

وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلو ممزع


(١) قرروا قتله ثأرًا لقتله والدهم الحارث.
(٢) طلب موسي ليحلق بعض شعره.
(٣) مشى الطفل حتى دخل على خبيب والموسى بيده.
(٤) القطف هو العنقود ساعة قطفه.
(٥) كان المشركون يحترمون منطقة الحرم لذلك خرجوا به إلى منطقة الحل.

<<  <  ج: ص:  >  >>