للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا بدّ أن هذا الفوز أسعد عائشة وأضحكها .. أما النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد تقبّل الخسارة بروح طيبه .. لكنه يضمر لعائشة ثأرًا وسباقًا آخر قد ينتصر عليها فيه ..

وصل الجيش إلى أراضي بني المصطلق .. فكانت:

[إغارة كالبرق]

فوجئ بها القوم وصعقوا .. وحدث قتال غير متكافئ لهول المفاجأة، لأن (النبي - صلى الله عليه وسلم - أغار على بني المصطلق وهم غارون، وأنعامهم تسقي الماء، فقتل مقاتلهم وسبى ذراريهم) (١)، فكسرت شوكة بني المصطلق، وبدأت جذوة قريش والشرك تخبو في نفوسهم بعد أن رأوا (مائة أهل بيت) (٢) وأكثر يساقون سبايا نحو المدينة .. وكان من هؤلاء السبايا شابة هي ابنة زعيم بني المصطلق واسمها (جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه) (٣) (وكانت امرأة حلوة، ملاحة، لا يراها أحد إلَّا أخذت بنفسه) (٤).

سارت جويرية والألم يعتصر قلبها .. وهي تساق جارية بعد أن كانت سيدة نساء قومها .. أحسّت بفداحة الجرم الذي ارتكبه زعماء قبيلتها في حقّها وحق مائة بيت اقتيدوا نحو المدينة .. ورغم حسن المعاملة .. ولطف العناية التي حظي بها هؤلاء من النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه .. إلَّا أن للوطن والأهل حبًا زرعه الله في قلب الإنسان .. وقد أثار هذا الذلّ


(١) حديث صحيح رواه البخاري (٢٥٤١).
(٢) سنده صحيح عند ابن إسحاق وسيأتي تخريجه عند نهاية القصة.
(٣) سنده صحيح عند ابن إسحاق وسيأتي تخريجه عند نهاية القصة.
(٤) سنده صحيح عند ابن إسحاق وسيأتي تخريجه عند نهاية القصة.

<<  <  ج: ص:  >  >>