للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووصل صفوان بن معطل ليجد ذلك الحزن في طريقه .. ليحمله إلى بحر أسود من الأحزان والهموم .. بحرٌ تقول عنه عائشة رضي الله عنها:

(كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يخرج سفرًا أقرع بين نسائه، فأيتهنّ خرج سهمها خرج بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معه .. فأقرع بيننا في غزوة غزاها "غزوة بني المصطلق"، فخرج فيها سهمى، فخرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذلك بعدما أنزل الحجاب، فأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه، مسيرنا "وكنت إذا رحل بعيري، جلست في هودجي، ثم يأتي القوم الذين يرحلون هودجي في بعيري، ويحملوني، فيأخذون بأسفل الهودج، فيرفعونه، فيضعونه على ظهر البعير، فيشدّونه بحباله، ثم يأخذون برأس البعير، فينطلقون به"، حتى إذا فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوه، وقفل، ودنونا من المدينة، "نزل منزلًا، فبات فيه بعض الليل، ثم" آذن (١) ليلة بالرحيل، فقمت حين آذنوا بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش، فلما قضيت من شأني، أقبلت إلى الرحل، فلمست صدري، فإذا عقدي من جزع ظفار (٢) قد انقطع "انسلّ من عنقي ولا أدري" فرجعت، "عودي على بدئي إلى المكان الذي ذهبت إليه" فالتمست عقدي، فحبسني ابتغاؤه، وأقبل الرهط (٣) القوم الذين كانوا يرحلون لي، فحملوا هودجي، فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب، وهم يحسبون أني فيه، وكانت النساء إذا ذاك خفافًا، لم يهبلهن (٤) ولم يغشهن اللحم "لم يهيجهن (٥)


(١) أعلنوا الاستعداد للرحيل.
(٢) خرز من مدينة ظفار.
(٣) هم الرجال أقل من عشرة.
(٤) يمتلئن بالشحم واللحم.
(٥) التهييج هو الورم من الشحم أو المرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>