للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رجل، فقلت بما رأيت، إن في ظهري لثمانين"، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا معشر الأنصار، أما تسمعون إلى ما يقول سيدكم؟

قالوا: لا تلمه فإنه رجل غيور، ما تزوج فينا قط إلَّا عذراء، ولا طلّق امرأة له، فاجترأ رجل منّا أن يتزوجها "فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فإن الله يأبى إلَّا ذاك" (١).

قال سعد: "صدق الله ورسوله" يا رسول الله بأبي وأمي، والله إني لأعرف أنها من الله، وأنهّا حق، ولكن عجبت لو وجدت لكاع قد تفخذها رجل، لم يكن لي أن أهيجه ولا أحرّكه، حتى آتي بأربعة شهداء، والله لا آتي بأربعة شهداء حتى يفرغ من حاجته، فوالله ما لبثوا إلَّا يسيرًا حتى جاء هلال بن أميّة -"ابن عم له"- من حديقة له، فرأى بعينيه، وسمع بأذنيه، فأمسك حتى أصبح، فلما أصبح غدا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وهو جالس مع أصحابه، فقال:

يا رسول الله، إني جئت أهلي عشاء، فوجدت رجلًا مع أهلي، رأيت بعيني وسمعت بأذني، فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أتاه به، وثقل عليه جدًا، حتى عرف ذلك في وجهه، فقال هلال: والله يا رسول الله، إني لأرى الكراهة في وجهك مما أتيتك به، والله يعلم أني صادق، وما قلت إلَّا حقًا، فإني لأرجو أن يجعل الله فرجًا.

واجتمعت الأنصار فقالوا: ابتلينا بما قال سعد، أيجلد هلال بن أمية، وتبطل شهادته في المسلمين؟ "فشق ذلك على المسلمين، فقال: لا والله لا يجعل في ظهري ثمانين أبدًا، لقد نظرت حتى أيقنت، ولقد استسمعت حتى استشفيت".


(١) أي أن الله لا يقبل إلا حكمه سبحانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>