للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قالت عائشة:

قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كنت لك كأبي زرع لأم زرع) (١).

هذه هي منزلة عائشة في قلبه - صلى الله عليه وسلم - .. هي منزلة أم زرع عند أبي زرع .. غير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحبّها أكثر من حب أبي زرع لزوجته، لأن ذاك طلق والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يطلق ..

هذا الحب لا شكّ أغاظ المنافقين في المدينة .. أغاظ ابن سلول ومن معه من الخفافيش .. كما أغاظهم من قبل انتصار النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة بني المصطلق .. التي تشعبت آثارها حتى زلزلت قريش ..

[آثار غزوة بني المصطلق]

انتهت غزوة بني المصطلق بانتصار النبي - صلى الله عليه وسلم - على المشركين .. وانتصار عائشة رضي الله عنها على المنافقين .. لكن تلك المعركة تركت لدى قريش وحلفائها شعورًا أسودًا .. ورعبًا ترتعد منه أوصالها .. كأن الجبال تتزلزل من حولها .. كأن الكواكب تتهاوى على رؤوسها .. فقد امتدّت يد محمد - صلى الله عليه وسلم - حتى طالت جيرانهم بني المصطلق .. الذين عادوا بعد المعركة أحرارًا بعد مصاهرتهم للنبي - صلى الله عليه وسلم - .. وقريش الآن تخشى أن تمتد إليهم يد محمد - صلى الله عليه وسلم - فتأخذهم إلى غير رجعة ..

ويبدو أن تلك الضربات التي تلقاها المسلمون من قريش وغيرهم من الوثنين في أحد .. والرجيع وبئر معونة .. وغرها لم تزدهم إلَّا صلابة وعزمًا واتّقادًا .. كأنها النار التي تذيب صدأً .. كانت لقاحًا عاد بعده الجسم صحيحًا منيعًا .. فها هو النبي - صلى الله عليه وسلم - يرسل جيشًا لرصد قوافل قريش


(١) حديث صحيح رواه البخاري (٥١٨٩) ومسلمٌ (٢٤٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>