للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فرأوه يبكى، ثم أحنى عليه الثالثة، ثم رفع رأسه وله شهيق، فعرفوا أنه قد مات، فبكى القوم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-:

مه .. إنما هذا من الشيطان، فاستغفروا الله (١)، ثم قال: اذهب عنها أبا السائب فلقد خرجت ولم تلتبس منها بشىء) (٢)، كانت عائشة هناك .. حزينة مثل بقية الحاضرين .. شاهدت دموعه - صلى الله عليه وسلم - وهي تسيل على خدي عثمان بن مظعون رضي الله عنه .. فقالت:

(رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبّل عثمان بن مظعون وهو ميت "وهو يبكي، وعيناه تهرقان" فرأيت دموعه تسيل على خدّيه) (٣)، أي على خدي عثمان .. حزنًا على ذلك الصاحب الزاهد .. القائم الصائم .. الذي سافر عن الدنيا نقيًا دون أن تلوثه .. شهد بذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- .. شهد -صلى الله عليه وسلم- لعثمان بالنقاء والصفاء من الدنيا .. فهل يعني أن كل من كان مثله نقول عنه إنه من أهل الجنّة .. النبي -صلى الله عليه وسلم- يبكي .. يشهد لعثمان بالزهد .. زوجته تشهد له بالصيام والقيام ألا يكفي ذلك للجزم بدخوله الجنة؟ .. لا


(١) طالبهم - صلى الله عليه وسلم - بالاستغفار لا من أجل البكاء لأنه بكى قبلهم وهو لم يحرم البكاء على الميت لكنه نهي عن رفع الصوت نواحًا على الميت ويطلق عليه بكاء أيضًا، لكنه بكاء محرم كما مر في البكاء على حمزة رضي الله عنه.
(٢) سنده قوي وقد ضعفه الشيخ شعيب حفظه الله في السير (١/ ١٥٦) بل جعله واهيًا ومتنه منكرًا .. ولعله اعتمد في ذلك على قول الإمام الهيثمي: ولم أعرفهما، يقصد شيخ الطبراني راوي الحديث ووالد شيخه .. لكن نظرة سريعة على التقريب والتهذيب تغنى عن ذلك، فشيخه عبد العزيز بن عمر بن مقلاص ثقة فاضل معروف -التهذيب والتقريب (٢/ ٥٩) وكان ملازمًا لحلقة أبيه الثقة ووالده له ذكر في التهذيب وغيره وأنه كان يدارس العلماء ويكفيك من تلاميذه: أبو حاتم وأبو زرعة والعقيلى قال أبو حاتم عنه: صدوق (٥/ ٣٩١).
(٣) أخرجه الترمذيُّ (٢/ ١٣٠) وصححه والبيهقيُّ وغيرهما, وله شاهد بإسناد حسن يراجع في "مجمع الزوائد" (٣/ ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>