للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يحملون في أيديهم ألوانًا من الأذى والعذاب لعله يتراجع .. ويتراجع أصحابه معه.

[يؤذون رسول الله]

كانت البداية امرأة .. امرأة تدعى أم جميل بنت حرب .. زوجة أبي لهب .. انتفضت لما سمعت قول الله: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (٢) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (٣) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (٥)} حشرتها هذه الآيات .. وضاق صدرها بهذا اللهب .. فخرجت كالمجنونة لا تلوي على شىء .. تبحث هنا وهناك .. في الدور والطرقات .. عن انتقام يخمد هذا الجمر في قلبها .. تبحث عن محمد -صلى الله عليه وسلم- .. قصدت المسجد الحرام فرأت أبا بكر الصديق فأقبلت عليه (ولها ولولة، وفي يدها فهو (١)، وهي تقول:

مذممًا أبينا، ودينه قلينا، وأمره عصينا

والنبي -صلى الله عليه وسلم- جالس في المسجد ومعه أبو بكر رضي الله عنه، فلما رآها أبو بكر قال: يا رسول الله قد أقبلت، وأنا أخاف أن تراك، قال النبي-صلى الله عليه وسلم-: إنها لن تراني، وقرأ قرآنًا فاعتصم به كما قال، وقرأ: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا} فوقفت على أبي بكر، ولم تر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالت: يا أبا بكر، إني أخبرت، أن صاحبك هجاني، فقال أبو بكر: لا، ورب هذا البيت، ما هجاك. فولت وهي تقول: قد علمت قريش أني ابنة سيدها) (٢).


(١) الفهر: الحجر.
(٢) حديثٌ حسنٌ بما بعده، فقد رواه البيهقي من طريق الإمام الحميدي، حدثنا الوليد بن كثير المخزوم (وهو ثقة من رجال الشيخين) عن محمد بن مسلم بن تدرس (أبى الزبير) عن =

<<  <  ج: ص:  >  >>