للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه خارج قوائم الترشيح عند الصحابة .. حتى لقد قال سلمة بن الأكوع: "فإذا نحن بعلي وما نرجوه" (١).

وذلك لشدة الرمد الذي أصاب عينيه .. بل إن عليًا نفسه لا يتوقع ذلك .. وإلا لجاء مع الصحابة المتلهفين إلى الإمساك بالراية .. لقد كان عليًا مشغولًا بعينيه ومرضه .. لكن قوة إيمانه وعزمه حملاه على المشاركة المعنوية بعد أن تعذرت عليه المشاركة البدنية .. إن كرامة الله لعلي رضي الله عنه تشابه كرامته لعمرو بن الجموح وعبد الله بن حرام .. شيخان انتزعا نفسيهما من ظروف قاهرة وصعبة .. عمرو بن الجموح كان شديد العرج .. وعبد الله بن حرام لديه تسع بنات .. أما علي رضي الله عنه فقد قال لنفسه بعد أن غادر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه نحو خيبر "أنا أتخلف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلحق به" (٢).

غدًا موعد لفتح جديد .. وغدًا ستشرق الشمس على أرض جديدة بالإِسلام .. وأرض جديدة للإسلام .. لكن ماذا عن فاتحها وهل هذه الصفات لا تنطبق إلا على رجل واحد فقط .. ؟ الصفات والأحداث تقول: لا .. فالنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله .. وهذا الجيش ينعم كله بهاتين الصفتين .. لأنه جيش الحديبية الذي قال الله عنه: {لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِم مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا}.

أما قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ليس بفرار .. فهذه الصفة يتزين أبو بكر وعمر


(١) صحيح البخاري ج: ٣ ص: ١٠٨٦.
(٢) مر معنا في أول الغزوة وهو صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>