للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى عشق .. وعاد الحزن من حيث أتى .. أما النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد تحول إلى غمامة حب تظللها .. وقدم اعتذارات أذابت كل كلس اليهود في فؤادها .. حتى أصبح مرتعًا لمحمد ورب محمَّد .. تذكر صفية تلك الأيام وأمواجها الغريبة المتلاطمة .. تتذكر حبيبها - صلى الله عليه وسلم - وهو:

[يسأل عن كدمة حول عين حبيبته]

وذلك عندما "رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعيني صفية خضرة فقال يا صفية ما هذه الخضرة؟ فقالت كان رأسى في حجر ابن أبي حقيق وأنا نائمة فرأيت كأن قمرًا وقع في حجري .. فأخبرته بذلك فلطمني وقال تمنين ملك يثرب؟ قالت: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أبغض الناس إلي قتل زوجي وأبي وأخي فما زال يعتذر إلي ويقول. إن أباك ألب علي العرب وفعل وفعل حتى ذهب ذلك من نفسي" (١) تلك الاعتذارات والمشاعر بينت لها مدى الفارق بين هذا النبي الكريم وبين زوجها السابق العنيف الذي كان يقودها إلى جهنم وقد "أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بين خيبر والمدينة ثلاث ليال يبنى عليه بصفية" (٢).

ثم واصل - صلى الله عليه وسلم - مسيره عائدًا إلى المدينة محاطًا بجيش كالمشاعر .. سلمة ابن الأكوع يتذكر في طريق العودة أخاه الشهيد على أرض خيبر عامر بن الأكوع ويتذكر حداءه الجميل على هذا الطريق وتهيج مشاعره فلا يجد ألطف من النبي - صلى الله عليه وسلم - كي يشاركه تلك المشاعر. فبم رد عليه وماذا فعل سلمة .. ؟ يقول رضي الله عنه "لما كان يوم خيبر قاتل أخي قتالًا شديدًا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فارتد عليه سيفه فقتله فقال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك وشكوا فيه رجل مات في سلاحه وشكوا في بعض أمره قال سلمة


(١) حديث صحيح مر معنا في بداية الكتاب.
(٢) حديث صحيح رواه البخاري ٤ - ١٥٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>