للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحاول المحافظة على ما أنجزه الإِسلام من مساواة وتلاحم .. وكان المهاجرون والأنصار هم النموذج البشري الصرف الذي قدمه النبي - صلى الله عليه وسلم - للعالم .. لقد قدم الأنصار الكثير فماذا فعل أخوتهم المهاجرون بعد غزوة خيبر؟

[المهاجرون يردون الجميل بالوفاء]

يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: (لما قدم المهاجرون من مكة المدينة؛ قدموا وليس بأيديهم شيء وكان الأنصار أهل الأرض والعقار فقاسمهم الأنصار على أن أعطوهم أنصاف ثمار أموالهم كل عام ويكفونهم العمل والمؤونة وكانت أم أنس بن مالك وهي تدعى أم سليم أعطت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عذاقًا لها فأعطاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم أيمن مولاته أم أسامة بن زيد). قال أنس ابن مالك (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما فرغ من قتال أهل خيبر وانصرف إلى الدينة رد المهاجرون إلى الأنصار منائحهم التي كانوا منحوهم من ثمارهم فرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أمي عذاقها وأعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم أيمن مكانهن من حائطه) (١) وقد حسن فتح خيبر من مستوى التغذية لدى المسلمين فأصبحوا كما يقول ابن عمر رضي الله عنهما "ما شبعنا حتى فتحنا خيبر" (٢) أي ما شبعنا من التمر فقط .. ومع هذه الحاجة والفقر كان الإِسلام يقدم ثقافة متحضرة لأتباعه حتى لا تزعزع المادة توازن الإنسان .. فالفتوح قادمة والوعود كشمس الغد مشرقة لا محالة .. وإذا لم يتهيأ المسلم بثقافة التوازن فسوف يجد نفسه مجرد رقم على سطح الأرض .. يقول أبو سعيد الخدري وأبو هريرة رضي الله عنهما: "إن


(١) صحيح مسلم ٣ - ١٣٩١.
(٢) صحيح البخاري ٤ - ١٥٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>