للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[خروج النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إلى الشام بصحبة عمه أبي طالب ومقابلته للراهب بحيرى]

عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- عن أبيه أنه حدَّثَه قال: "خرجنا إلى الشام في أشياخ من قريش، وكان معي محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، فأشرفنا على راهب في الطريق فنزلنا وحللنا رواحلنا فخرج إلينا الراهب -وكان قبل ذلك لا يخرج إلينا- فجعل يتخلَّلُنَا حتى جاء فأخذ بيد محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، وقال: هذا سيِّد العالمين، قال: فقال له أشياخٌ من قريش: وما علمك بما تقول؟ قال: أجد صِفَتَه ونَعْته في الكتاب المنزَل، وإنكم حين أشرفتم لم يبق شجرٌ ولا حجرٌ إلا خر له ساجدا ولا تسجد الجمادات إلا لنبي، وأعرفه بخاتم النبوة، أسفل من غُضروف كتفه مثل التفاحة، ثم رجع فصنع طعامًا فأتانا به وكان محمد في رعْيَةِ الإبل، فجاء وعليه غَمَامةُ تظلُّه، فلما دنا وجد القوم قد سبقوه إلى شجرة، فجلس في الشمس فمال فَيءُ الشجرة عليه، وأضحوا هم في الشمس، فبينا هو قائم عليهم يناشدهم الله أن لا يذهبوا به إلى الروم ويقول: إن رأوه عَرَفُوهُ بالصِّفَة، وآذوْه، فبينا هو يناشدهم الله في ذلك التفت، فإذا تسعةٌ من الروم مقبلين نحو ديره، فاستقبلهم، وقال: ما جاء بكم؟ قالوا: بلغنا عن أحبارنا أن نبيًّا من العرب خارج نحو بلادنا في هذا الشهر، فلم يبق طريق إلا بُعث إليه بأُناس، وبعثنا إلى طريقك هذا، قال: فهل خلفكم أحد خير منكم؟ قالوا: إنما اخترنا لطريقك هذه خيرة، قال لهم: أرأيتم أمرًا أراد الله تبارك وتعالي أن يقضيه هل يستطيع أحد من الناس أن يرده؟ قالوا: لا، قال: فبايعوا هذا النبي فإنه حق، فبايعوه وأقاموا مع الراهب، ثم رجع إلينا، فقال: أنشدكم أيكم وليّه؟ قالوا: هذا -يعنوني- فما زال يناشدني حتى رددته مع رجال، فكان فيهم بلال، وزوده الراهب كعكًا وزيتًا". (١)


(١) جامع الأصول من حديث الرسول حديث رقم ٨٨٣٦، رواية رزين عن على عن أبيه أفضل من رواية الترمذيُّ عن موسى الأشعري قلت كان هذا الحدث في شهر محرم من العام الثاني والأربعين قبل الهجرة العام الثاني عشر لمولده صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

<<  <   >  >>