للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[قريش تستنكف مجالسة الضعفاء]

قال ابن إسحاق: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا جلس في المسجد، فجلس إليه المستضعفون من أصحابه: خباب، وعمار، وأبو فكيهة يسار مولى صفوان بن أمية، وصهيب، وأشباههم من المسلمين؛ هزئت بهم قريش، وقال بعضهم لبعض: هؤلاء أصحابه كما ترون! أهؤلاء مَنَّ الله عليهم من بيننا بالهدى ودين الحق؟! لو كان ما جاء به محمد خيرًا ما سبقنا هؤلاء إليه، وما خصهم الله به دوننا!

فأنزل الله -عَزَّ وجَلَّ- فيهم: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (٥٢) وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (٥٣) وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. (١)

روى بسنده عن سعد قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ستة نفر، فقال المشركون للنبي - صلى الله عليه وسلم - اطرد هؤلاء لا يجنزؤون علينا، قال: وكنت أنا وابن مسعود ورجل من هذيل وبلال، ورجلان لست أسميهما، فوقع في نفس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما شاء الله أن يقع، فحدث نفسه فأنزل الله -عَزَّ وجَلَّ-: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ}. (٢)


(١) سورة الأنعام من آية (٥٢ - ٥٤).
(٢) مسلم: ج ٤/ ١٨٧٨كتاب فضائل الصحابة باب في فضل سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- ح ٤٦.

<<  <   >  >>