للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: إنا لا نسجد إلا لله -عَزَّ وجَلَّ-، قال: وما ذاك، قال: إن الله -عَزَّ وجَلَّ- بعث إلينا رسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وأمرنا أن لا نسجد لأحد إلا لله -عَزَّ وجَلَّ-، وأمرنا بالصلاة والزكاة، قال عمرو بن العاص: فإنهم يخالفونك في عيسى ابن مريم، قال: ما تقولون في عيسى ابن مريم وأمه؟ قالوا نقول كما قال الله -عَزَّ وجَلَّ-: هو كلمة الله وروحه ألقاها إلى العذراء البتول التي لم يمسها بشر ولم يفتضها أحد, قال: فرفع عودًا من الأرض، ثم قال: يا معشر الحبشة والقسيسين والرهبان، والله ما يزيدون على الذي نقول فيه ما يسوى هذا، مرحبًا بكم وبمن جئتم من عنده، أشهد أنه رسول الله، فإنه الذي نجد في الإنجيل، وإنه الرسول الذي بشر به عيسى بن مريم، انزلوا حيث شئتم، والله لولا ما أنا فيه من الملك لآتيته حتى أكون أنا أحمل نعليه وأوضئه، وأمر بهدية الآخرين فردت إليهما، ثم تعجل عبد الله بن مسعود حتى أدرك بدرًا، وزعم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم استغفر له حين بلغه موته (١).

[حديث جعفر بن أبي طالب في الهجرة إلى الحبشة]

عن جعفر بن أبي طالب قال: بعثت قريش عمرو بن العاص وعُمارة بن الوليد بهدية من أبي سفيان إلى النجاشي، فقالوا له ونحن عنده: قد بعثوا إليك أُناسًا من سفلتنا وسفهائهم، فادفعهم إلينا، قال: لا حتى أسمع كلامهم، فبعث إلينا، وقال: ما تقولون؟ فقلنا: إن قومنا يعبدون الأوثان، والله -عَزَّ وجَلَّ- بعث إلينا رسولًا فآمنا به وصدقناه، فقال لهم النجاشي: عبيدٌ هم لكم؟ قالوا: لا،- قال: فلكم عليهم دين؟ قالوا: لا، قال: فخلوا سبيلهم، فخرجنا من عنده، فقال: عمرو بن العاص: إن هؤلاء يقولون في عيسى غير ما تقولون، قال: إن لم يقولوا في عيسى مثل ما نقول لا أدعهم في أرضى ساعةً من نهار، قال: [فأرسل إلينا]، فكانت الدعوة الثانية أشد علينا من الأولى، فقال: ما يقول صاحبكم في عيسى ابن مريم؟ فقلنا: يقول: "هو روح الله وكلمته ألقاها إلى العذراء البتول" قال: فأرسل فقال: ادعوا فلانًا القسيس وفلانًا الراهب، فأتاه ناس منهم،


(١) مسند الإمام أحمد ٣/ ٦٩, قال ابن كثير: إسناده جيد قوي وسياق حسن.
قلت كانت الهجرة الثانية للحبشة في شهر ذي القعدة عام خمس للبعثة الثامن قبل الهجرة من عام ٦٢٧م.

<<  <   >  >>