للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قضوا ما قضوا في ليلهم ثم أصبحوا ... على مهل وسائر الناس رُقَّد

هم رجعوا سهل بن بيضاء راضيا ... وسُرَّ أبو بكرٍ بها ومحمَّد

متى شرك الأقوام في جلِّ أمرنا ... وكنا قديمًا قبلها نتودد

وكنا قديمًا لا نقرّ ظلامةً ... وندرك ما شئنا ولا نتشدد

فيا لقصيَّ هل لكم في نفوسكم ... وهل لكم فيما يجيء به غد

فإني وإيّاكم كما قال قائل ... لديك البيان لو تكلمت أسود (١)

وقال حسَّان بن ثابت يبكي المطعم بن عدي حين مات، ويذكر قيامه في نقض الصحيفة:

أيا عين فابكي سيد القوم واسفحى ... بدمع وإن أنزفته (٢) فاسكبي الدما

وبكي عظيم المعشرين كليهما ... على الناس معروفًا له ما تكلما

فلو كان مجد يخلد الدهر واحدًا ... من الناس، أبقى مجده اليوم مطعما (٣)

أجرت رسول الله منهم فأصبحوا ... عبيدك ما لبى مهل وأحرما

فلو سئلت عنه معد بأسرها ... وقحطان أو باقي بقية جرهما

لقالوا هو الموفي بخفرة (٤) جاره ... وذمته يومًا إذا ما تذمَّما (٥)

فما تطلع الشمس المنيرة فوقهم ... على مثله فيهم أعز وأعظما

وآبي إذا يأبى وألين شيمة ... وأنوم عن جار إذا الليل أظلما

قال ابن هشام: قوله "كليهما" عن غير ابن إسحاق:

قال ابن هشام: وأما قوله: "أجرت رسول الله منهم"،فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما انصرف عن أهل الطائف، ولم يجيبوه إلى ما دعاهم إليه، من تصديقه ونصرته، صار إلى حراء، ثم بعث إلى الأخنس بن شريق ليجيره، فقال: أنا حليف، والحليف لا يجير. فبعث إلى سهيل بن عمرو، فقال: إن بني عامر لا تجير على


(١) أسود: اسم جبل كان قد قُتل فيه قتيل، فلم يعرف قاتله، فقال أولياء المقتول هذه المقالة.
(٢) أنزفته: أنفدته.
(٣) ضمير المفعول، فصار في الضرورة مثل قوله: جزى ربه عني عدي بن حاتم.
(٤) الخفرة: العهد.
(٥) تذمم: طلب الذمة، وهي العهد.

<<  <   >  >>