للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسلم وتصايح الناس فظنوا أنه مقتول فأتى الصريخ إلى أبي بكر، فقيل: أدرك صاحبك: فخرج من عندنا وإن له لغدائر أربعًا، وهو يقول: ويلكم. أتقتلون رجلًا أن يقول ربى الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم؟ (١) فلهوا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وأقبلوا على أبى بكر. قالت: فرجع إلينا أبو بكر، فجعل لا يمس شيئًا من غدائره إلا جاء معه، وهو يقول: تباركت يا ذا الجلال والإكرام. (٢)

وعن عثمان بن عفان قال: أكثر ما نالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أني رأيته يومًا وذرفت عيناه حين ذكر ذلك، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يطوف بالبيت، ويده في يد أبى بكر -رضي الله عنه-، وفي الحجر ثلاثة نفر جلوس: عقبة بن أبي معيط، وأبو جهل بن هشام، وأميه ابن خلف، فمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فلما حاذى بهم أسمعوه بعض ما يكره، فعرف ذلك في وجه النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فدنوت منه حتى وسطته، فكان بيني وبين أبي بكر، وأدخل أصابعه في أصابعي حتى طفنا جميعًا، فلما حاذاهم قال أبو جهل: والله لا نصالحك ما بل بحر صوفه وأنت تنهانا أن نعبد ما كان عبد آباؤنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (أنا ذلك)، ثم مضى عنهم، فصنعوا به في الشوط الثالث مثل ذلك، حتى إذا كان الشوط الرابع ناهضوه ووثب أبو جهل يريد أن يأخذ بمجمع ثوبه، فدفعت في صدره، فوقع على أسته، ودفع أبو بكر أمية بن خلف، ودفع النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عقبة بن أبي معيط، ثم انفرجوا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وهو واقف، ثم قال لهم: (أما والله لا تنتهون حتى يحل الله عقابه عاجلًا)، قال عثمان: فوالله ما منهم رجل إلا وقد أخذه أفكل وهو يرتعد، فجعل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول: (بئس


(١) سورة غافر آية رقم ٢٨.
(٢) رواه أبو يعلى رقم (٥٢) وحسنه ابن حجر في فتح الباري ص ٧/ ١٦٩.
كان هذا الأذى في قريش بعد وفاة عمه أبو طالب وبعد ما نزلت سورة الرحمن آخذًا من قول أبي بكر تباركت يا ذا الجلال والإكرام.
سورة الرحمن نزلت وقد قرئت على الجن.

<<  <   >  >>