للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[قدوم ضماد بن ثعلبه الأزدي على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وهو بمكة شرفها الله]

(عن عبد الله بن العباس -رضي الله عنهما-)، أن ضمادًا قدم مكة، وكان من أزد شنوءة، وكان يرقي من هذه الريح، فسمع سفهاء مكة يقولون: إن محمدًا مجنون، فقال: لو أني أتيت هذا الرجل، لعل الله يشفيه على يدي، فلقيه، فقال: يا محمد، إني أرقي من هذه الريح، وإن الله يشفي على يدي من شاء, فهل لك؟ فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد، قال ضماد: فقلت له: أعد علي كلماتك هؤلاء، فأعادهن عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرات، فقال: لقد سمعت قول الكهنة، وقول السحرة، وقول الشعراء، فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء، وقد بلغن قاموس البحر، هات يدك أبايعك على الإسلام، فبايعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -, فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وعلى قومك، قال: وعلى قومي , فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية بعد مقدمه المدينة، فمروا على قومه، فقال صاحب السرية للجيش، هل أصبتم من هؤلاء شيئا؟ فقال رجل من القوم: أصبت منهم مطهرة وفي نسخة: أداوة: فقال: ردوها، فإن هؤلاء قوم ضماد. (١)

روى أبو نعيم بسنده عن عبد الرحمن العدوي قال: قال ضماد: قدمت مكة معتمرًا، فجلست مجلسا فيه أبو جهل، وعتبة بن ربيعة، وأمية بن خلف، فقال أبو جهل: هذا الرجل الذي فرق جماعتنا، وسفه أحلامنا، وأضل من مات منا، وعاب آلهتنا، فقال أمية: الرجل مجنون غير شك، قال ضماد: فوقعت في نفسي كلمته، وقلت: إني رجل أعالج من الريح، فقمت من ذلك المجلس، وأطلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم أصادفه ذلك اليوم، حتى كان الغد، فجئته فوجدته جالسًا خلف المقام يصلي، فجلست حتى فرغ، ثم جلست إليه


(١) رواه مسلم في صحيحه.
(قاموس) قاموس البحر: معظمه ووسطه.
(سرية) السرية: طائفة من الجيش ينفذون في طلب العدو، ليلًا.
(مطهرة) المطهرة: والإداوة: السطحية.

<<  <   >  >>