للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صريف الأقلام، أي: أقلام القدر بما هو كائن. ورأى سدرة المنتهى وغشيها من أمر الله تعالى عظمة عظيمة من فراش من ذهب وألوان متعددةٍ، وغشيتها الملائكة.

ورأى هناك جبريل على صورته وله ستمائة جناح.

ورأى رفرفًا أخضر قد سد الأفق.

ورأى البيت المعمور، وإبراهيم الخليل باني الكعبة الأرضية مسند ظهره إليه؛ لأن الكعبة السماوية يدخله كل يوم سبعون ألفًا من الملائكة، يتعبدون فيه ثم لا يعودون إليه إلى يوم القيامة.

ورأى الجنة والنار، وفرض الله عليه هنالك الصلوات خمسين، ثم خففها إلى خمس، رحمة منه ولطفًا بعباده، وفي هذا اعتناء عظيم بشرف الصلاة وعظمتها.

ثم هبط إلى بيت المقدس، وهبط معه الأنبياء، فصلى بهم فيه لما حانت الصلاة. ويحتمل أنها الصبح من يومئذ، ومن الناس من يزعم أنه أمهم في السماء، والذي تظاهرت به الروايات أنه ببيت المقدس، ولكن في بعضها أنه كان أول دخوله إليه. والظاهر أنه بعد رجوعه إليه؛ لأنه لما مر بهم في منازلهم جعل يسأل عنهم جبريل واحدًا واحدًا، وهو يخبره بهم، وهذا هو اللائق؛ لأنه كان أولًا مطلوبًا إلى الجناب العلويِّ؛ ليفرض عليه وعلى أمته ما يشاء الله تعالى، ثم لما فرغ من الذي أريد به، اجتمع هو وإخوانه من النبيين، ثم أظهر شرفه وفضله عليهم بتقديمه في الإمامة، وذلك عن إشارة جبريل -عليه السلام- له في ذلك.

ثم خرج من بيت المقدس فركب البراق، وعاد إلى مكة بغلس. والله سبحانه وتعالى أعلم.

وأما عرض الآنية عليه من اللبن والعسل، أو اللبن والخمر، أو اللبن والماء، أو الجميع؛ فقد ورد أنه في بيت المقدس، وجاء أنه في السماء، ومحتمل أنه ها هنا وها هنا؛ لأنه كالضيافة للقادم، والله أعلم". (١)


(١) تفسير ابن كثير (٥/ ٣٩ - ٤٠).

<<  <   >  >>