للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشيطان من رأس العقبة بأبعد صوت سمعه قط: يا أهل الجباجب والجباحب: المنازل- هل لكم في مذمم والصباء، وقد اجتمعوا على حربكم؟

-والمذمم من كلام العرب: المهين الكسير-.

قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما يقول عدو الله ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا ابن أزيب، تسمع يا عدو الله لأفرغن لك". ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ارفضوا إلى رحالكم".

قال: فقال له العباس بن عبادة بن نضلة: والذي بعثك بالحق، إن شئت لنميلن على أهل منى غدًا بأسيافنا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لم أؤمر بذلك".

قال: فرجعنا إلى مضاجعنا، فنمنا، حتى أصبحنا، فلما أصبحنا غدت علينا جلة من قريش حتى جاؤونا في منازلنا. قال: فقالوا: يا معشر الخزرج، قد بلغنا أنكم جئتم إلى صاحبنا هذا تستخرجوه من بين أظهرنا، وتبايعونه على حربنا، وأنه والله ما من العرب أحد [أبغض] إلينا من أن تشب الحرب بيننا وبينه منكم. قال: فأتبعه هنالك قوم من قومنا يحلفون بالله ما كان من هذا شيء، وما علمناه. وصدقوا، لم يعلموا ما كان منا. وبعضنا ينظر إلى بعض. قال: ثم قام القوم وفيهم الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي وعليه نعلان جديدان، فقلت كلمة كأني أريد أشرك القوم فيما قالوا: يا أبا جابر، أما تستطع وأنت سيد من ساداتنا أن تتخذ نعلًا مثل نعل هذا الفتى من قريش؟ فسمعها الحارث، فخلعها ثم رمى بها إلي. قال: فقلت: والله لا أردها، فأل صالح قال: والله، لئن صدق الفأل لأسلبنه.

[العباس بن عبادة بن نضلة الأنصاري يستوثق لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم]

قال العباس بن عبادة بن نضلة الأنصاري -أخو بني سالم بن عوف-:

"يا معشر الخزرج! هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل؟ " قالوا: "نعم". قال: "إنكم تبايعون على حرب الأحمر والأسود من الناس! فإن كنتم ترون أنكم إذا هلكت أموالكم مصيبة، وأشرافكم قتلا، أسلمتموه، فمن الآن. فهو، والله! إن فعلتم خزي الدنيا والآخرة". قالوا: "فإنا نأخذه على مصيبة الأموال وقتل الأشراف. فما لنا يا رسول الله! إن نحن وفينا؟ " قال: "الجنة".

<<  <   >  >>