للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[إسلام أبي ذر الغفاري (رضي الله عنه)]

عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: (كان لي أخ يقال له أنيس وكان شاعرًا، فسافر هو وشاعر آخر فأتيا مكة، فرجع أنيس فقال: يا أخي! رأيت بمكة رجلا يزعم أنه نبي وأنه على دينك) (١)

عن أبي ذر قال: "قلت لأخي اكفني حتى أذهب، فأنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: نعم. وكن من أهل مكة على حذر، فإنهم قد أنكروا ما قال وشنفوا له" (٢)

روى البخاري ومسلمٌ عن عبد الله بن الصامت: قال أبو ذر: خرجنا من قومنا غفار، وكانوا يحلون الشهر الحرام قال: فخرجت أنا وأخي أنيس وأمنا، فنزلنا على خال لنا، فأكرمنا خالنا وأحسن إلينا، فحسدنا قومه، فقالوا: إنك إذا خرجت عن أهلك خالف إليهم أنيس، فجاء خالنا فنثا علينا الذي قيل له، فقلت: أما ما مضى من معروفك، فقد كدرته، ولا جماع لنا فيما بعد، فقربنا صرمتنا، فاحتملنا عليها، وتغطى خالنا بثوبه، فجعل يبكي، فانطلقنا حتى نزلنا بحضرة مكة، فنافر أنيس عن صرمتنا وعن مثلها، فأتيا الكاهن فخير أنيسا، فأتانا أنيس بصرمتنا ومثلها معها، قال: وقد صليت يا ابن أخي قبل أن ألقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بثلاث سنين، قلت: لمن؟ قال: لله تعالى، قلت: فأين توجه؟ قال: أتوجه حيث يوجهني ربي أصلي عشاء، حتى إذا كان من آخر الليل ألقيت كأني خفاء، حتى تعلوني الشمس، فقال أنيس: إن لي حاجة بمكة، فاكفني، فانطلق أنيس حتى أتى مكة، فراث علي، ثم جاء، فقلت: ما صنعت؟ قال: لقيت رجلا بمكة على دينك يزعم أن الله أرسله، قلت: فما يقول الناس؟ قال: يقولون: شاعر، كاهن، ساحر، وكان أنيس أحد الشعراء، قال أنيس: لقد سمعت قول الكهنة، فما هو بقولهم، ولقد وضعت قولة على أقراء الشعر، فما يلتئم على لسان أحد بعدي أنه شعر، والله إنه لصادق، وإنهم لكاذبون، قال: قلت: فاكفني حتى أذهب فأنظر، قال: فأتيت مكة فتضعفت رجلا منهم (٣)، فقلت: أين هذا


(١) روى الحسن بن سفيان وأبو نعيم.
(٢) روى ابن إسحاق الحربي في غريب الحديث.
(٣) أي: نظرت إلى أضعفهم فسألته.

<<  <   >  >>