للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه، وليس عندهم: موت العالم إلى آخره.


= الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوى الأحياء ولا الأموات) فهناك فرق شاسع، وقد شبه الله تعالى العلم بالنور والجهل بالظلمات ونفى الفرق بينهما كل لا يستوي الظل الذي ينتفع به بالحرور الذي يتضرر به، وكذلك لا يستوى الأحياء بنور العلم ولا الأموات الذين غفلت قلوبهم عن الله ونسوا الله فنسيهم وعصوا الله فأمات قلوبهم فلا يتأثرون بالمواعظ ولا يعملون بتعاليم الله ورسوله. وانظر رعاك الله إلى بيان درجة العلماء وزيادة شرفهم عند الله جل وعلا، إذ ذكرهم بعد ملائكته الأبرار قال تعالى في سورة آل عمران (شهد الله إنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم) اعترف العلماء مع الملائكة أن الله واحد فعبدوه بحق ودعوا الناس إلى طاعته. والإخلاص إليه في العمل، والالتجاء إليه في الأمور، ونبذ ما سواه، والتوكل عليه وحده فهو الفعال. على أن العلماء شهداء مع الله على صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى في سورة الرعد (قل كفى بالله شهيداً بينى وبينكم ومن عنده علم الكتاب) أقروا بالرسالة وتركوا الجهالة، وسفهوا العاصين: ووبخوا الكافرين.
والعلماء في كل زمان ومكان قادة وسادة يردون الناس إلى الله ويدعون إليه ويبعدونهم عن الفسوق ويقولون الحق وقد حكي الله عن قارون وماله وكبريائه، وافتتان الناس به، ومنع العلماء التمنى مثله - فقال جل شأنه في صورة القصص (وقال الذين أتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً) هذه وظيفة العلماء يرشدون الجاهل ويردون الضال، قال تعالى في سورة النساء (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) إشارة إلى أن العلماء ورثة الأنبياء في توضيح المبهم، وإضاءة الحكم في كشف حكم الله جل وعلا، ودعوة الناس إلى الاسظلال بظلهم الوارف رجاء الفوز دنيا وأخري كما قال جل شأنه (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم) من سورة العنكبوت، قال الله تعالى يعنى بكلمة العلماء الذين كمل دينهم، وتم عقلهم فتحلوا بالمكارم جمعاء، واتصفوا بالمحامد عامتها، وفيهم يقول جل شأنه في سورة الرعد (أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولوا الألباب، الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساء، والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم، وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار. جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار).
يأ أخى المسلم: تفكر قليلا في آيات العلماء العاملين الذي أنار الله بصائرهم فأرشدوا إلى ما فيه منفعتهم والعالم بالشيء كالبصير، والجاهل به كالأعمى الذي ختم الله على قلبه فلم يستضئ بنور العلم ولم يتذكر ما يضره وما ينفعه، ولا يتذكر إلا أصحاب العقول الراجحة والبصائر المستنيرة، وقد وصف الله العلماء أصحاب العقول الكاملة التى استخدموها في مرضاة ربهم بصفات هي عنوان الإخلاص وشمس القبول ودليل التوفيق. ولن تجد أحسن منها:

١ - الوفاء بالعهد وعدم نقض الميثاق بإطاعة أوامر الله واجتناب نواهيه وإرشاد الخلق إلى ذلك لأنهم قدوة حسنة.

٢ - صلة جميع الأقارب وموالاة المؤمنين ومودة الصالحين ومحبة العاملين وعدم هجرانهم.

٣ - خوف الله تعالى وخشيته فلا شر يقع منهم، ولا أذى لمخلوق، ولا ترك واجب، ولا فعل معصية ولذا قيل: (رأس الحكمة مخافة الله). =

<<  <  ج: ص:  >  >>