للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رواه أبو داود والترمذي وحسنه واللفظ له، وابن ماجه وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين. (الصفر) بكسر الصاد المهملة، وإسكان الفاء: هو الفارغ.

١٥ - وعنْ أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الله رحيمٌ كريمٌ يستحيي (١) من عبده أن يرفع إليه يديه، ثمَّ لا يضع فيهما خيراً. رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد، وفي ذلك نظر.

١٦ - وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نزلتْ به فاقة (٢) فأنزلها بالناس لمْ تسدَّ فاقته، ومنْ نزلتْ به فاقة فأنزلها بالله فيوشك الله له برزقٍ عاجلٍ، أو آجلٍ. رواه أبو داود والترمذي، والحاكم وصححه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح ثابت.

(يوشك) بكسر الشين المعجمة: أي يسرع وزنه ومعناه.

١٧ - وعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يردُّ القدر إلا الدعاء (٣)، ولا يزيد في العمر إلا البرُّ (٤)، وإنَّ الرجل ليحرم الرِّزق بالذنب (٥) يذنبه. رواه ابن حبان في صحيحه، والحاكم واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد.


(١) المراد به الترك اللازم للانقباض. كما أن المراد من رحمته إصابة المعروف، ومن غضبه إصابة المكروه اللازمين لمعنييهما، ونظيره قول من يصف إبلا:
إذا ما استحين الماء يعرض نفسه ... كرعن بسبت في إيناء من الورد
وإنما عدل عن الترك لما فيه من التمثيل والمبالغة.
والحياء انقباض النفس عن القبيح مخافة الذم: وهو الوسط بين القباحة والوقاحة، والجراءة في الشر وعدم المبالاة، وبين الخجل الذي هو انحصار النفس عن الفعل مطلقاً، وهذا المعنى مستحيل على الله جل وعلا.
(٢) فقر وحاجة: أي طلب من أحد إزالتها، ولم يلجأ إلى ربه وحده، وأما من طلب من الله أن يزيد رزقه، أو يفرج كربه أجاب دعاءه، ويدل عسره يسرا وهمه فرجا.
(٣) معناه التضرع إلى الله يدعو إلى رحمته سبحانه فيخفف في قضائه فتقل المصائب ويزول الألم. فإذا دعا الله داع، وقدر الله جل وعلا مثلا أن ينزل صاعقة على جهة كذا فتنزل الصاعقة كما هو مقدر سبحانه، ولكن يفتتها ويخفف وقعها، وتكون يردا وسلاما على أصحابها، أو يقدر مرضاً مثلا فتأتي دورة المرض خفيفة، وتقل وطأته فيمر دور النقاهة سهلا. اللهم الطف بنا في قضائك وقدرك لطفا يليق بكرمك يا أرحم الراحمين.
(٤) فعل الخير وتشييد الصالحات والصدقة وصلة الرحم، تبارك في العمر وتنميه وتجلب الصحة والسعادة للبار المحسن.
(٥) معناه أن الآثام تضيق الرزق وتنزع البركة منه، والله تعالى يحرم العاصي من رضاه وخيراته وقديماً قالوا: إن المعاصي تزيل النعم. قال تعالى: (لئن شكرتم لأزيدنكم) وشكر النعم طاعة الله، والاقبال على العمل بالكتاب والسنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>