للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن الدين (١) النصيحة (٢).

قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله، ولأئمَّة المسلمين وعامَّتهمْ. رواه مسلم والنسائي. وعنده: إنما الدين النصيحة. وأبو داود، وعنده قال: إنَّ الدين النصيحة. إن الدين النصيحة. إن الدين النصيحة الحديث. ورواه الترمذي من حديث أبي هريرة بالتكرار أيضاً، وحسَّنه.

ورواه الطبراني في الأوسط من حديث ثوبان إلا أنه قال: رأس الدين النَّصيحة، فقالوا: لمنْ يا رسول الله؟ قال: لله عزَّ وجلَّ، ولدينهِ، ولأئمة المسلمين وعامَّتهم.

١٤ - وعن زياد بن علاقة رضي الله عنه قال: سمعت جرير بن عبد الله يقول: يوم ماتَ المغيرة بن شعبة: أمَّا بعد فإني أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت أبايعك على الإسلام فشرط عليَّ، والنُّصح لكلِّ مسلمٍ (٣) فبايعته على هذا، وربِّ هذا المسجد (٤) إني لكمْ لناصحٌ. رواه البخاري ومسلم.

١٥ - وعن جريرٍ أيضاً رضي الله عنه قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على


(١) أن معظمه وكامله.
(٢) إخلاص القول، والعمل. قال الخطابي: النصيحة كلمة جامعة معناها: حيازة الحظ للمنصوح له. وهي من وجيز الكلام، بل ليس في الكلام كلمة مفردة تستوفي بها العبارة عن معنى هذه الكلمة. وهذا الحديث من الأحاديث التي قبل فيها إنها أحد أرباع الدين أهـ. وقال النووي: بل وحده محصل لغرض الدين كله لأنه منحصر في الأمور التي ذكرها، فالنصيحة لله وصفه بما هو له أهل، والخضوع له ظاهرا وباطنا والرغبة في محابه بفعل طاعته والرهبة من مساخطه بترك معصيته والجهاد في رد العاصين له أهـ. وروي الثوري عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي ثمامة صاحب علي قال: قال الحواريون لعيسى عليه السلام: يا روح الله من الناصح لله؟ قال: الذي يقدم حق الله على حق الناصح، والنصيحة لكتاب الله تعلمه وتعليمه وإقامة حروفه في التلاوة وتحريرها في الكتابة وتفهم معانيه وحفظ حدوده والعمل بما فيه وذب تحريف المبطلين عنه.
والنصيحة لرسوله وتعظيمه ونصره حيا وميتا وإحياء سنته بتعلمها وتعليمها وتعليمها والاقتداء به في أقواله وأفاعله ومحبته ومحبة أتباعه. والنصيحة لأئمة المسلمين إعانتهم على ما حملوا القيام به وتنبيههم عند الغفلة وسد خلتهم عند الهفوة وجمع الكلمة عليهم ورد القلوب النافرة إليهم، ومن أعظم نصيحتهم دفعهم عن الظلم بالتي هي أحسن. ومن جملة أئمة المسلمين أئمة الاجتهاد وتقع النصيحة لهم ببث علومهم ونشر مناقبهم وتحسين الظن بهم. والنصيحة لعامة المسلمين الشفقة عليهم والسعي فيما يعود نفعه عليهم وتعليمهم ما ينفعهم وكف وجوه الأذى عنهم، وأن يحب لهم ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه. وفي الحديث فوائد أخرى: منها أن الدين يطلق على النصيحة لكونه سمي النصيحة دينا. ومنها جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب من قوله: قلنا لمن؟ ومنها رغبة السلف في طلب علو الإسناد أهـ ص ١٠٣ فتح.
(٣) ومسلمة: قال في الفتح التقييد بالمسلم للأغلب، وإلا فالنصح للكافر معتبر بأن يدعي إلى الإسلام ويشار عليه بالصواب إذا استشار. واختلف العلماء في البيع على بيعه.
(٤) مشعر بأن خطبته كانت بالمسجد.

<<  <  ج: ص:  >  >>