للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنة لِيُفَقِّهُوهُم، ويعَلِّمُوهُمْ، وَيعظُوهمْ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: لَعِنَ الذين كفروا من بنى إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم) الآية. رواه الطبراني في الكبير عن بكير بن معروف عن علقمة.

ما جاء في ذم كاتم العلم وعدم النصيحة خيانة

٨ - وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: تناصحُوا (١) في العلم فإن خيانة أحدكم في علمه أشد من خيانته في ماله، وإن الله مُسائلُكُم. رواه الطبراني في الكبير أيضاً، ورواته ثقات إلا أن أبا سعيد البقال، واسمه سعيد بن المرزبان فيه خلاف يأتى.


= ثم تلا صلى الله عليه وسلم قوله تعالى (لعن الذين كفروا من بنى إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم) أي لعنهم الله في الزبور والإنجيل على لسانهما؛ وقيل إن أهل أيلة لما اعتدوا في السبت لعنهم الله تعالى على لسان داود، فمسخهم الله تعالى قردة. وأصحاب المائدة لما كفروا دعا عيسى عليه السلام عليهم ولعنهم فأصبحوا خنازير، وكانوا خمسة آلاف رجل، قال تعالى يبين سبب هذا العقاب: (ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون، كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون). أي لا ينهى بعضهم بعضا عن معادوة منكر فعلوه - فالله الله أيها العلماء إن عليكم حقوق الجار أن تعلموا جيرانكم، وتعهدوا عملهم رجاء أن يوافق الشرع عسى الله أن يرحمنا، ويزيل وعنا الأذى، وقال تعالى في سورة البقرة في الترهيب من كتمان العلم. (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم ولعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم) وإن الله يرشد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يبين، وكذا من اتبعه في سورة يوسف: (قل هذه سبيلى أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعنى وسبحان الله وما أنا من المشركين) ويهدد سبحانه العلماء المقصرين في الوعظ في سورة البقرة بقوله تبارك وتعالى: (إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفى شقاق بعيد) وقال تعالى في سورة آل عمران (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون) وقال تعالى في سورة النحل: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين الناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون).
فهذا تصريح بمعاقبة العلماء إن لم يقوموا بواجب النصح والإرشاد، بل أمر جل شأنه السيدات المهذبات العالمات أن يقمن بالتذكير. (واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة وإن الحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا) من سورة الأحزاب. إن أكثر المصائب التى أحاطت بالمسلمين من جراء المعاصى، وضياع حقوق الله، من زكاة من صلاة، من صيام، من حج، من أوامر أهملت، وبدع نشرت - فمتى يرجع المسلمون إلى ربهم ويعلمون عملا صالحا - إن أمامهم القرآن والسنة، وقد تبين الرشد من الغى، فلا عذر لجاهل، أو مقصر - كل شاة برجلها معلقة.
(١) بذلوا النصيحة فيرشد العالم الجاهل ويهديه إلى الحق، وإن إنكار الإرشاد خيانة أشد من العقاب من سرقة المال. نسأل الله السلامة، وفيه حث الزراع، والصانع، والتاجر، والسيدة على بذلك النصيحة، وذكر ما يعلم من طرق الخير لأخيه المسلم والمسلمة. قال تعالى. (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر).

<<  <  ج: ص:  >  >>