للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"من الإسراف أن تأكل كل ما اشتهيتَ" رواه ابن ماجة وابن أبي الدنيا في كتاب الجوع، والبيهقي، وقد صحح الحاكم إسناده لمتن غير هذا، وحسنه غيره.

١٦ - وعن أبي بَرْزَةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما أخشى عليكم شهوات (١) الْغَيِّ (٢)

في بطونكم، وفروجكم (٣)، ومُضِلاَّتِ (٤) الهوى" رواه أحمد والطبراني والبزار، وبعض أسانيدهم رجاله ثقات.

١٧ - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "لقيني عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد ابتعتُ (٥) لحماً بدرهم، فقال: ما هذا يا جابر؟ قلتُ: قَرِمَ أهلي فابتعتُ لهم لحماً بدرهمٍ، فجعل عمر يُردد: قَرِمَ أهلي حتى تمنيتُ أن الدرهم سقط مني ولم ألقَ عمر" رواه البيهقي.

١٨ - وروى مالك عن يحيى بن سعيد: "أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أدرك جابر بن عبد الله، ومعه حاملُ لحمٍ، فقال عمر: أما يريد أحدكم أن يطويَ بطنه لجاره، وابن عمه، فأين تذهبُ عنكم هذه الآية "أذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ في حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بها" قال البيهقي: وروى عن عبد الله بن دينار مرسلاً وموصولاً.

قوله [قرم أهلي]: أي اشتدت شهوتهم للحم، قال الحليمي رحمه الله: وهذا الوعيد من الله تعالى، وإن كان للكفار الذين يقدمون على الطيبات المحظورة، ولذلك قال: "فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ" فقد يخشى مثله على المنهمكين في الطيبات المباحة لأن من يعودها مالت نفسه إلى الدنيا، فلم يؤمن أن يرتبك في الشهوات والملاذ كلما أجاب نفسه إلى واحد


(١) ملذات.
(٢) أمور الجهل من اعتقاد فاسد وإرخاء العنان للتمتع بالطعام والفروج وجميع أنواع الموبقات أي الشهوات المسببة للغي والفسق والجالبة العذاب قال تعالى: "فسوف يلقون غيا" أي عذاباً فسماه الغي لما كان الغي هو سببه، وذلك كتسمية الشيء بما هو سببه كقولهم للنبات ندى، وقيل معناه فسوف يلقون أثر الغي وثمرته، قال تعالى: "وبرزت الجحيم للغاوين" أي غوى فاتبع الضلال والخيبة: أي آكل الحرام.
(٣) الزنا.
(٤) طرق الغواية.
(٥) اشتريت فيردد سيدنا عمر هذه الجملة لانتباهه إلى التمتع بالمباح فما بالك الآن بمن يتمتع بما حرم الله وما أحل، ومع هذه النعمة الجمة تراه مقصراً في حقوق الله فلا يصلي ولا يصوم ولا يتصدق ولا يفعل خيراً، شكراً لنعم الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>