للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السبب في ذهاب بصر يعقوب عليه السلام وحنى ظهره

١٨ - وعن أنسٍ رضي الله عنه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم: "أن رجلاً قال ليعقوب عليه السلام: ما الذي أذهب بصرك، وَحَنَى ظهرك؟ قال: أما الذي أذهبَ بصري فالبكاءُ على يوسف، وأما الذي حَنَى ظهري فالحزن على أخيه بنيامين، فأتاه جبريل عليه السلامُ، فقال: أتشكو الله عز وجل؟ قال: إنما أشكو بَثَّي وَحُزْني إلى الله. قال جبريلُ عليه السلام: الله أعلمُ بما قلت منك. قال: ثم انطلق جبريل عليه السلام، ودخل يعقوبُ عليه السلام بيتهُ، فقال: أي رَبِّ أما ترحمُ الشيخ الكبير. أذهبتَ بصري، وَحَنَيْتَ ظهري، فَارْدُدْ عليَّ رَيْحَانَتَيَّ، فأشمهما شَمَّةً واحدةً، ثم اصنع بي بعد ما شئت، فأتاه جبريل، فقال: يا يعقوب إن الله عز وجل يُقرئك السلام، ويقول: أبشر فإنهما لو كانا ميتين لَنَشَرْتُهُما (١) لك لأُقِرَّ بهما عينك، ويقول لك يا يعقوب: أتدري لِمَ أذْهَبْتُ بصرك، وَحَنَيْتُ ظهرك، وَلِمَ فَعَلَ إخوةُ يوسف بيوسف ما فعلوه؟ قال: لا. قال: إنه أتاك يتيمٌ مسكينٌ وهو صائمٌ جائعٌ وذبحت أنت وأهلك شاةً فأكلتموها ولم تُطعموه (٢)،

ويقول: إني لم أُحِبَّ شيئاً من خَلْقي حُبي اليتامى والمساكين (٣)، فاصنع طعاماً، وادْعُ (٤) المساكين. قال أنسٌ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فكان يعقوبُ كلما أمسى نادى مُناديهِ: من كان صائماً فليحضر طعام يعقوب، وإذا أصبح نادى مُناديه: من كان مُفطراً فليفطر على طعام يعقوب" رواه الحاكم والبيهقي والأصبهاني واللفظ له، وقال الحاكم: كذا في سماع حفص بن عمر بن الزبير، وأظن الزبير وَهِم، وأنه حفص بن عمر بن عبد الله بن أبي طلحة، فإن كان كذلك فالحديث صحيح، وقد أخرجه إسحاق بن راهوية في تفسيره قال: أنبأنا عمرو بن محمد حدثنا زافر بن سليمان عن يحيى بن عبد الملك عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.


(١) لأحييتهما لتفرح، من قرت العين قرة وقروراً: بردت سروراً.
(٢) معناه أن الله تعالى أراد بفراق يوسف لأبيه ليذوق ألم البعد وحرارة الفرقة بسبب أنه لم يحن ولم يعطف على مسكين جاءه.
(٣) الفقراء.
(٤) اطلب. فيه أن الإحسان إلى الفقراء واليتامى يجلب السرور ويطرد الغم ويسبب زيادة النعم والبركة مع الصحة والهناءة.

<<  <  ج: ص:  >  >>