للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"إياكم والفُحْشَ والتَّفَحُّشَ، فإن الله لا يُحبُّ الفاحش (١) المُتَفَحِّشَ، وإياكم والظلمَ (٢)،

فإنه هو الظلماتُ يوم القيامة، وإياكم والشُّحَّ، فإنه دعا من كان قبلكم فَسَفَكُوا دماءهم، ودعا من كان قبلكم، فقطعوا أرحامهم، ودعا من كان قبلكم، فاستحَلُّوا حُرُمَاتهم" رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد.

٤ - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "إياكم والظلم، فإن الظلم ظلماتٌ يوم القيامة، وإياكم والفُحْشَ والتفحش، وإياكم والشح، فإنما هلك من كان قبلكم بالشح، أمَرَهُمْ بالقطيعة، فقطعوا، وأمَرَهُمْ بالبُخل فبخلوا، وأمرهُمْ بالفجور (٣) ففجروا، فقام رجلٌ، فقال: يا رسول الله أيُّ الإسلامِ أفضلُ؟ قال: أن يسلم المسلمون من لسانك ويدك، فقال ذلك الرجلُ أو غيره: يا رسول الله أي الهجرةِ أفضلُ؟ قال: أن تهجر ما كره ربك، والهجرةُ هجرتان: هِجْرَةُ الحاضرِ، وهجرةُ البادي (٤). فهجرةُ البادي أن يُجيبَ إذا دُعيَ، ويطيع إذا أُمِرَ؛ وهجرةُ الحاضر (٥) أعظمها بَلِيَّةً، وأفضلها أجراً" رواه أبو داود مختصراً والحاكم واللفظ له، وقال: صحيح على شرط مسلم.

٥ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شَرُّ ما في الرجل شُحٌّ هَالِعٌ، وجُبْنٌ خَالِعٌ" رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه.

[قوله: شح هالع]: أي محزن، والهلع: أشد الفزع.

[وقوله: جبن خالع]: هو شدة الخوف، وعدم الإقدام، ومعناه أنه يخلع قلبه من شدة تمكنه منه.


(١) الفاحش ذو الفحش في كلامه وأفعاله، والمتفحش: الذي يتكلف ذلك ويتعمده. أهـ نهاية. وكل ما يشتد قبحه من الذنوب والمعاصي، أي امتنعوا من السير في القبائح، والتبجح وقلة الأدب.
(٢) أكل حقوق الناس، والتعدي عليهم وأذاهم.
(٣) الفسوق والمعاصي.
(٤) سكان البادية: الصحراء أي البعيد عن الترف.
(٥) المقيم في المدن والعواصم والقرى. والمعنى المعاشر في المجتمع يتقي الله أكثر، ويرعى حقوقه، ويخشى الفتن والشواغل المحيطة به وبذا يكسب ثواباً أكثر، وإلا يخسر. وأمام المتحضر ملاه وملاعب ومتاجر ومصانع. فالعاقل يترك كل شيء سوى حقوق الله يؤديها ويقوم بها لينجو من رذائلها، ويسلم من أدرانها:
فبقدر الكد تكتسب المعالي ... ومن طلب العلا سهر الليالي

<<  <  ج: ص:  >  >>