للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعليه بُرْدٌ (١) نجرانيٌ غليظُ الحاشية (٢)، فأدركهُ أعرابيٌ، فجذبهُ (٣)

بردائهِ جَذْبَةً شديدةً، فنظرتُ إلى صَفْحَةِ عُنُقِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أثَّرَ بها (٤) حاشيةُ الرداء من شدة جَذْبَتِهِ، ثم قال: يا محمدُ مُرْ لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه فضحك ثم أمَرَ له بِعَطَاء (٥) " رواه البخاري ومسلم.

وجبت محبة الله على من أغضب فحلم

٢١ - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: "كأني أنظرُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبياً من الأنبياء ضَرَبَهُ قومهُ، فأدْمَوْهُ (٦)، وهو يمسحُ الدم عن وجههِ، ويقولُ: اللهم اغفر (٧) لقومي فإنهم لا يعلمون" رواه البخاري ومسلم.

٢٢ - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "وَجَبَتْ محبةُ الله على من أُغْضِبَ (٨) فَحَلُمَ" رواه الأصبهاني، وفي سنده أحمد بن داود بن عبد الغفار المصري شيخ الحاكم، وقد وثقه الحاكم وحده.

٢٣ - وتقدم حديث عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أُنَبِّئُكُمْ بما يُشَرِّفُ الله به البُنيان، ويرفعُ به الدرجات؟ قالوا: نعم يا رسول الله. قال: تَحْلُمُ على من جَهِلَ (٩) عليك، وتعفو عمن ظلمك، وتُعْطِي من حرمك، وتَصِلُ من قَطَعَكَ" رواه الطبراني والبزار.

٢٤ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:


(١) كساء من صنع نجران اليمن.
(٢) البطانة.
(٣) شدة بعنف (يسروا) هو أمر بالتيسير، والمراد به الأخذ بالتسكين تارة وبالتيسير أخرى من جهة أن التنفير يصاحب المشقة غالباً، وهو ضد التسكين، والتبشير يصاحب التسكين غالباً، وهو ضد التنفير. أهـ فتح ص ٤٠١ جـ ١٠ (ولا تنفروا): لا تذكروا شيئاً ينهزمون منه ولا تقصدوا ما فيه الشدة. أهـ قسطلاني.
(٤) أثر بها كذا (ط وع ص ٢٠٠ - ٢)، وفي (ن د): أثر فيها.
(٥) صدقة. لقد قابل صلى الله عليه وسلم جفوة ذلك العربي وقسوته بالحلم والرفق وأحسن إليه. قال القسطلاني: وفيه مزيد حلمه عليه الصلاة والسلام وصبره على الأذى في النفس والمال. أهـ جواهر البخاري.
(٦) أسالوا دمه.
(٧) امح ذنوبهم.
(٨) أصابه غضب فصبر وسامح وعفا، والحلم: الأناة.
(٩) سفه وساء أدبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>