للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٩ - وعن أبي سعيدٍ رضي الله عنه قال: "جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أوصني قال: عليك بتقوى الله (١)، فإنها جماعُ كل خيرٍ، وعليك بالجهاد في سبيل الله، فإنها رهبانية المسلمين (٢)، وعليك بذكر الله (٣) وتلاوة كتابه، فإنه نورٌ لك (٤) في الأرض، وذكرٌ لك (٥) في السماء، واخْزُنْ لسانك (٦) إلا من خيرٍ، فإنك بذلك تغلبُ الشيطان (٧) " رواه الطبراني في الصغير وأبو الشيخ في الثواب كلاهما من رواية ليث بن أبي سليم، ورواه ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ أيضاً مرفوعاً عليه مختصراً.

٣٠ - وعن معاذٍ رضي الله عنه قال: "يا رسول الله أوصني. قال: اعْبُدِ الله كأنك تراه (٨)، واعْدُدْ نفسك في الموتى (٩)، وإن شئت أنبأتُكَ بما هو أمْلَكُ بك من هذا كُلِّهِ؟ قال: هذا، وأشار بيده إلى لسانه" رواه ابن أبي الدنيا بإسناد جيد.

٣١ - وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: "لقيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا ذرٍ


(١) في تعارف الشرع حفظ النفس عما يؤثم، وذلك بترك المحظور، ويتم ذلك بترك بعض المباحات لما روي "الحلال بين والحرام بين ومن رتع حول الحمى فحقيق أن يقع فيه". قال الله تعالى: "فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون" (٣٥ من سورة الأعراف). "إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون" (١٢٨ من سورة النحل). "وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا" (من سورة الزمر). "واتقوا الله حق تقاته" (من سورة آل عمران). يقال اتقى فلان بكذا: إذا جعله وقاية لنفسه. أهـ غريب.
(٢) غلو في تحمل التعبد من فرط الرهبة. والرهبة والرهب: مخافة مع تحفظ. والمعنى الدفاع عن دين الله ونصره، وجهاد الأعداء زيادة قربان من الله تعالى للمسلمين ويدل على شدة خوفهم منه جل وعلا.
(٣) تسبيحه وطاعته والإكثار من قراءة قرآنه.
(٤) هداية ونبراس يضيء لك سبل السعادة والاستقامة.
(٥) تصعد سيرتك الطاهرة وتظهر على ألسنة الملائكة المقربين الأبرار ويدعون لك بالمغفرة والرضوان.
(٦) احفظ، يقل خزن يخزن السر، من باب قتل: كتمه.
(٧) تكسر حدة الشرور وتخزيه وتبعده من الإفساد.
(٨) أي قف بذلة وخشوع وتصور أمامك ذا الجلال والإكرام الرب القادر القهار.
(٩) انتهز جودك في الدنيا، واعمل صالحاً، وأقلل من الآمال الكاذبة فإنك لا محالة ميت، ودليل قبولك حفظ لسانك عن كل باطل وسوء.

<<  <  ج: ص:  >  >>