للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالأُخْرَى ظَالِمَةٌ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنَ الْقَرْيَةِ الظَّالِمَةِ يُرِيدُ (١) الْقَرْيَةَ الصَّالِحَةَ، فَأَتَاهُ الْمَوْتُ حَيْثُ شَاءَ اللهُ، فاخْتَصَمَ فِيهِ الملَكُ والشَّيْطَانُ، فَقَالَ الشَّيْطَانُ: واللهِ مَا عَصَانِي قَطُّ فَقَالَ الْمَلَكُ: إِنَّهُ قَدْ خَرَجَ يُرِيدُ التَّوْبَةَ، فَقُضِيَ بَيْنَهُمَا أَنْ يُنْظَرَ إِلى أَيِّهِمَا أَقْرَبُ، فَوَجَدُوهُ أَقْرَبَ إِلى الْقَرْيَةِ الصَّالِحَةِ بِشِبْرٍ فَغُفِرَ لَهُ. قالَ مَعْمَرٌ: وَسَمِعْتُ مَنْ يَقُولُ: قَرَّبَ اللهُ إِلَيْهِ الْقَرْيَةَ الصَّالِحَةَ. رواه الطبراني بإسناد صحيح، وهو هكذا في نسختي غير مرفوع.

٢٨ - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكَمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْساً، فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ فَدُلَّ عَلى رَاهِبٍ، فَأَتَاهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْساً فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: لاَ، فَقَتَلَهُ فَكَمَلَ بِهِ مِائَةً، ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ، فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ مَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ. انْطَلِقْ إِلى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّ بِهَا أُنَاساً يَعْبُدُونَ اللهَ، فاعْبُدِ اللهَ مَعَهُمْ، وَلاَ تَرْجِعْ إِلى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سُوءٍ، فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَّفَ الطَّرِيقَ، فَأَتَاهُ مَلَكُ الْمَوتُ فاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلائِكَةُ الْعَذَابِ، فَقَالَتْ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ: جَاءَ تَائِباً مُقْبلاً بِقَلْبِهِ إِلى اللهِ تَعَالَى، وَقَالَتْ مَلاَئِكَةُ الْعَذَابِ إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْراً قَطُّ فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ في صُورَةِ آَدَمِيٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ: قِيسُوا مَا بَيْنَ الأَرْضَيْنِ، فَإِلى أَيَّتِهِمَا كانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ، فَقَاسُوا فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلى الأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ، فَقَبَضَتْهُ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ (٢).


(١) أي يذهب متجهاً بنية صادقة.
(٢) تسلمته إلى نعيم الله وإحسانه بسبب غفران ذنوبه باهتمامه وسيره إلى بلد الصالحين المطيعين .. هذا رجل تاب الله عليه بسبب عزمه على السير إلى هذه القرية، فما بالك بمن أحب الصالحين وعاشرهم وأكرمهم وودهم وزارهم وحضر مجالسهم وتبرك بدعواتهم الطيبة؟ أرى أن الله كريم وعظيم يبقبله ويوفقه ويهديه إلى الخير ويغفر ذنوبه، ومن أحب قوماً حشر معهم. حسبك قوله صلى الله عليه وسلم "أنت مع من أحببت" نسأل الله السلامة. قال النووي: في باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتله: (ثم أفتاه العالم بأنه له توبة) هذا مذهب أهل العلم وإجماعهم على صحة توبة القاتل عمداً ولم يخالف أحد منهم إلا ابن عباس، وأما ما نقل عن بعض السلف من خلاف هذا فمراد قائله الزجر عن سبب التوبة، لا أنه يعتقد بطلان توبته، وهذا الحديث ظاهر فيه، وإن كان شرعاً لمن قبلنا، وفي الاحتجاج به خلاف. فليس موضع الخلاف وإنما موضعه إذا لم يرد شرعنا بموافقته وتقريره، =

<<  <  ج: ص:  >  >>