للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالتَّفَقُّهِ في الْقُرْآنِ (١)، وَحُبِّ الآخِرَةِ (٢)، وَالْجَزَعِ مِنَ الْحِسَابِ (٣)،

وَقِصَرِ الأَمَلِ (٤) وَحُسْنِ الْعَمَلِ، وَأَنْهَاكَ أَنْ تَشْتِمَ مُسْلِمَا (٥)، أَوْ تُصَدِّقَ كَاذِباً، أَوْ تُكَذِّبَ صَادِقاً،


(١) تفهم آياته والتبحر في معرفة أسراره والعكوف على تلاوته والإكثار من ذكره والتفكر في معناه كما قال تعالى:
أ -[ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً وما يذكر إلا أولوا الألباب (٢٦٩)] من سورة البقرة.
ب - وقال تعالى: [ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر الله] من سورة لقمان.
جـ - وقوله صلى الله عليه وسلم "ومن يرد الله به خيراً يفقه في الدين".
(٢) الاستعداد ليوم القيامة والإيمان به، لأنه لا بد منه كما قال تعالى: [وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور (٧)] من سورة الحج.
(٣) الخوف من يوم تشتد فيه الأهوال وتعظم فيه المسؤولية كما قال تعالى: [وقفوهم إنهم مسؤولون (٢٤) ما لكم لا تناصرون (٢٥) بل هم اليوم مستسلمون (٢٦) وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون (٢٧) قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين (٢٨) قالوا بل لم تكونوا مؤمنين (٢٩) وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوماً طاغين (٣٠) فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون (٣١) فأغويناكم إنا كنا غاوين (٣٢) فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون (٣٣) إنا كذلك نفعل بالمجرمين (٣٤)] من سورة الصافات.
أي احبسوهم في الموقف فإنهم مسؤولون عن عقائدهم وأعمالهم [مستسلمون] منقادون لعجزهم وانسداد الحيل عليهم يسأل الرؤساء والأتباع، وبين الله تعالى سبب عقابهم [إنهم كانوا إذا قيل لهم: لا إله إلا الله يستكبرون (٣٥) ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون (٣٦) بلى جاء بالحق وصدق المرسلين (٣٧) إنكم لذائقوا العذاب الأليم (٣٨) وما تجزون إلا ما كنتم تعملون (٣٩) إلا عباد الله المخلصين (٤٠) أولئك لهم رزق معلوم (٤١) فواكه وهم مكرمون (٤٢) في جنات النعيم (٤٣)] من سورة الصافات.
أرأيت هذه الحكاية يمثلها الله تعالى لعباده المصدقين الآن العاملين بالكتاب والسنة ليخشوا الله ويستعدوا ليوم، وصفه الرب جل جلاله [لله ما في السموات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير (٢٨٤) آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله، وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير (٢٨٥)] من سورة البقرة.
(٤) عدم استرسال الأماني الحلوة والركون إلى زخارف الدنيا بانتظار سعة الرزق وزيادة الأموال وتشييد القصور وتسويف في عمل البر وفعل الخير وتأجيل غرس الصالحات وبذر الطيبات، فالمؤمن يقنع ويجد ويعمل عملاً طيباً من وقته.
(٥) يحذر من سب المسلم وأذاه والركون إلى الكاذب الفاجر أو يرد كلام الصالح المتقي ويغير أقواله افتراء عليه أو يعلن الحرب على رئيسه ويخاصمه ويوقد نار العداوة ويبث الفتن والمخالفة وقد اشترط صلى الله عليه وسلم الطاعة بالعدل واتباع الحق. أما إذا خالف الإمام وفعل ما يغضب ربه فليجتنبه فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، بل الإنسان يركن إلى ربه ويخشاه ويؤدي حقوقه، ولا يخاف إلا ربه وحده، يريد صلى الله عليه وسلم أن يتحلى المسلم بست عشرة صفة: الخوف الداعي إلى إيجاد الصالحات، والصدق، والوفاء، والأمانة، والشرف والضمير النقي، ومراقبة الخالق، والعطف على المسكين واليتيم، وحسن الجوار؛ وحبس النفس عن الغضب وطيب القول، وإفشاء التحية، وموافقة الأمير، والتزود بتعليم الكتاب والسنة والاشتياق إلى ملاقاة الرب جل وعلا مع الاعتقاد بالجزاء إن خيراً وإن شراً، وعدم الغرور وكبح جماح الشيطان الغرور الذي يبعث الشر والجشع وجمع الدنيا والضرب بسهم في الأعمال الصالحة وإصابة المرمى في تشييد المكارم ووجود آثارها ظاهرة جليلة (قيمة المرء ما يحسنه) قال المتنبي: =

<<  <  ج: ص:  >  >>