للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلا: صَدَقْتُمْ. قالَ: فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ النَّاسِ، وَيَبْقَى شِدَّةُ الحِسَابِ عَلَى ذَوِي الأَمْوَالِ والسُّلْطَانِ (١). قالُوا: فَأَيْنَ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَئِذٍ؟ قالَ: يُوضَعُ لَهُمْ كَرَاسِيُّ مِنْ نُورٍ وَيُظَلّل عَلَيْهِمُ الْغَمَامُ (٢)

يَكُونُ ذَلِكَ اليَوْمُ (٣) أَقْصَرَ عَلى الْمُؤْمِنِينَ مِنْ سَاعَةٍ مِنْ نَهَارٍ. رواه الطبراني وابن حبان في صحيحه.

إن فقراء المسلمين يزفون كما تزف الحمام

١٤ - وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ سَابِطٍ قالَ: أَرْسَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلى سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ: إِنَّا مُسْتَعْمِلُوكَ (٤) عَلى هَؤلاءِ تَسِيرُ بِهمْ إِلى أَرْضِ الْعَدُوِّ، فَتُجَاهِدُ بِهِمْ. قال فذكر حديثاً طويلاً قال فيه: قال سعيد: وَمَا أَنَا بِمُتَخَلِّفٍ عَنِ الْعَنَقِ الأَوَّلِ (٥) بَعْدَ إِذْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّ فُقَرَاءَ الْمُسْلِمِينَ يُزَفُّونَ كَمَا تُزَفُّ الْحَمَامُ (٦) فَيُقَالَ لَهُمْ: قِفُوا لِلْحِسَابِ، فَيَقُولُونَ: وَاللهِ مَا تَرَكْنَا شَيْئاً نُحَاسَبُ بِهِ، فَيَقُولُ اللهُ عَزّ


(١) يسألهم ربهم عز وجل فيم أنفقتم أموالكم؟ وأين أضعتموها؟ وما الصالحات التي شيدتموها. ولماذا ملكتم فظلمتم؟ وهكذا يسألون عن الصغيرة والكبيرة. قال تعالى: [ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير (٧٠)] من سورة الحج. سبحانه لا يخفى عليه شيء، وإن الإحاطة به، وإثباته في اللوح المحفوظ، أو الحكم بينكم على الله يسير، أي سهل لأن علمه مقتضى ذاته المتعلق بكل المعلومات سواء. وشاهدنا إحاطة الله بأعمال عباده ليثيب المحسن، ويعاقب المسيء كما قال تعالى: [وما للظالمين من نصير] نسأل الله السلامة: إن الدين يدعو إلى النظافة، والنظافة من الإيمان، فالمعنى أن هؤلاء الصالحين يحبون تحسين الباطن وتكميله وانشغاله بربه، وإذا قربت إليهم أيها الأخ المسلم وجدت رائحتهم جميلة طاهرة نقية لأن الله تعالى جميل. ويحب الجميل والنبي صلى الله عليه وسلم جعل الطهارة أساساً لصحة الصلاة. وقال الله تعالى [وثيابك فطهر].
(٢) أي السحاب يكون عليهم كالظلة يقيهم حر الشمس المحرقة ..
(٣) أي يوم القيامة يمر عليهم بسلام لا يشعرون فيه بألم أو شدة، الله أكبر التقشف والتقلل من حطام الدنيا والتباعد عن الرياسة والسلطة ينجي من شدائد يوم الحساب، ويتمتع الزاهد الفقير بالأضواء المشرقة، والنعيم المقيم كما قال الله تعالى: [فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا (١١) وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا (١٢)] من سورة الدهر، والله تعالى أخبرنا في كتابه [للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون (٨)] من سورة الحشر.
قال البيضاوي: فإن كفار مكة أخرجوهم وأخذوا أموالهم. وقد جاهدوا في الله حق جهاده بأنفسهم وأموالهم أهـ. وينال ثوابهم من هاجر في سبيل نصر دين الله، وأقام شعائره وعمل بكتابه وسنة رسوله وترك الأشرار والعصاة ونبذ صحبتهم.
(٤) أي نستفهم عن سير الأبطال المجاهدين.
(٥) الفوج: أي الطائفة المسرعة في طاعة الله تعالى، وفي المصباح: العنق ضرب من السير فسيح سريع، من أعنق إعناقا.
(٦) الطيور المغردة جميلة الصورة حسنة الهيئة يفرح بها أصحابها ويطربون بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>