للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي رِوَايَةٍ: ثَلاَثَ لَيَالٍ إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ (١) عِنْدَهُ. قالَ نَافِعٌ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: مَا مَرَّتْ عَلَيَّ لَيْلَةٌ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ ذلِكَ إِلاَّ وَعِنْدِي وَصِيَّتِي مَكْتُوبَةٌ. رواه مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة.

٢ - وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ مَاتَ عَلَى وَصِيَّةٍ مَاتَ عَلَى سَبِيلٍ (٢).


= على الكتابة والخط، ولو لم يقترن ذلك بالشهادة أي مكتوبة عنده بشرطها بإضمار الإشهاد كما قال تعالى "شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية" فإنه يدل على اعتبار الإشهاد في الوصية. وقال القرطبي: ذكر الكتابة مبالغة في زيادة التوثيق، وإلا فالوصية المشهود بها متفق عليها، ولو لم تكن مكتوبة والله أعلم. واستدل بقوله وصيته مكتوبة عنده على أن الوصية تنفذ وإن كانت عند صاحبها ولم يجعلها عند غيره، وكذلك لو جعلها عند غيره وارتجعها، وفي الحديث منقبة لابن عمر لمبادرته لامتثال قول الشارع ومواظبته عليه. وفيه الندب إلى التأهب للموت، والاحتراز قبل الفوت لأن الإنسان لا يدري متى يفجؤه الموت لأن ما من سن يقرض إلا وقد مات فيه جمع جم، وكل واحد بعينه جائز أن يموت في الحال، فينبغي أن يكون متأهباً لذلك فيكتب وصيته ويجمع فيها ما يحصل له به الأجر ويحط عنه الوزر من حقوق الله وحقوق عباده والله المستعان. واستدل بقوله: له شيء، أو له مال على صحة الوصية بالمنافع: وهو قول الجمهور ومنعه ابن أبي ليلى وابن شبرمة وداود وأتباعه واختاره ابن عبد البر. وفي الحديث الحض على الوصية ومطلقها يتناول الصحيح لكن السلف خصوها بالمريض، وإنما لم يقيد به في الخبر لاطراد العادة به. وقوله مكتوبة أعم من أن تكون بخطه أو بغير خطه. ويستفاد منه أن الأشياء المهمة ينبغي أن تضبط بالكتابة لأنها أثبت من الضبط بالحفظ لأنه يخون غالباً أهـ فتح ١٣١ جـ ٥.
وفي شرح العيني: ما حق، لكمة ما معنى ليس. ليلتين، أي لا ينبغي له أن يمضي عليه زمان، وإن قليلاً إلا ووصيته مكتوبة. وقال النووي: والحاصل أن ذكر الليلتين أو الثلاثة لرفع الحرج لتزاحم أشغال المرء التي يحتاج إلى ذكرها، ففسح له هذا المقدار ليتذكر ما يحتاج إليه. ذكر ما يستفاد منه: الحث على الوصية. وجواز الاعتماد عل الكتابة والخط ولو لم يقترن ذلك بالشهادة. والندب إلى التأهب للموت والاحتراز قبل الفوت. لأن الإنسان لا يدري متى يفجأه الموت، ويستدل بقوله: شيء أو له مال على صحة الوصية بالمنافع أهـ ص ٢٩ جـ ١٤.
(١) والمعنى وصية الرجل ينبغي أن تكون مكتوبة عنده، وإنما ذكره بهذه الصورة، قصداً للمبالغة وحثاً على كتابة الوصية. عيني.
(٢) طريق واضح ولم يترك منازعات وقضايا لأهله وسهل التقاضي وبين ماله أو عليه. سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يرشد المسلمين إلى اليقظة والحذر وتقييد الديون التي عليهم والأموال التي خرجت من أيديهم سلفة حتى إذ طرأ الموت ارتاح ضميره وانشرح صدره لخلوه من حقوق الناس وأدى ما عليه أمام الله ببيان ما تعلق بذمته حتى ينجو من الحساب. والوصية في الشرع تمليك مضاف إلى ما بعد الموت، وسميت وصية لأن الميت يصل بها ما كان في حياته بما بعد مماته، وتطلق شرعاً أيضاً على ما يقع به الزجر عن المنهيات والحث على المأمورات وأورد البخاري في كتاب الوصايا قول الله تبارك وتعالى [كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقاً على المتقين فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم. فمن خاف من موصٍ جنفاً أو إثماً فأصلح بينهم فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم]. =

<<  <  ج: ص:  >  >>