للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كيف يكون حال الكافر في القبر ومآله؟

كَأَنْتَنِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ، فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلا يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلأٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِلاَّ قَالُوا: مَا هذِهِ الرِّيحُ الْخَبِيثَةُ؟ فَيَقُولُونَ: فُلانُ ابْنُ فُلاَنٍ بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ التي كَانَ يُسَمَّى بِهَا في الدُّنْيَا؛ حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إِلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيُسْتَفْتَحُ لَهُ فَلاَ يُفْتَحُ لَهُ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: (لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ (١) السَّمَاءِ، وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ (٢) الْجَمَلُ في سَمِّ الْخِيَاطِ) فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: اكْتُبُوا كِتَابَهُ في سِجِّينٍ في الأَرْضِ السُّفْلَى، ثُمَّ تُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحاً، ثُمَّ قَرَأَ: [وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ (٣) مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ (٤) أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ في مَكَانٍ سَحِيقٍ (٥)] فَتُعَادُ رُوحُهُ في جَسَدِهِ، وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لا أَدْرِي. قالَ: فَيَقُولانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لاَ أَدْرِي.

قالَ: فَيَقُولانِ لَهُ: مَا هذَا الرَّجُلُ الّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لاَ أَدْرِي، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَنْ كَذَبَ فَأَفْرِشُوهُ مِنَ النَّارِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَاباً إِلى النَّارِ. فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَا، وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفُ فِيهِ أَضْلاعُهُ، وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ، قَبِيحُ الثِّيَابِ مُنْتِنُ الرِّيحِ فَيَقُولُ: أَبشِرْ بالّذِي يَسُوؤُكَ، هذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتَ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ الْقَبِيحُ يُجِيءُ بِالشَّرِّ! فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيبُ، فَيَقُولُ: رَبِّ لاَ تُقِمِ السَّاعَةَ.

وفي رواية له بمعناه وزاد: فَيَأْتِيهِ آتٍ قَبِيحُ الْوَجْهِ، قَبِيحُ الثِّيَابِ، مُنْتِنُ الرِّيحِ فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِهَوَانٍ مِنَ اللهِ وَعَذَابٍ مُقِيمٍ، فَيقُولُ: بَشَّرَكَ اللهُ بِالشَّرِّ، مَنْ أَنْتَ؟ فَيَقُولُ:


(١) لأدعيتهم وأعمالهم، أو لأرواحهم كما تفتح لأعمال المؤمنين، وأرواحهم لتتصل بالملائكة.
(٢) يدخل: أي حتى يدخل ما هو مثل في عظم الجرم وهو البعير فيما هو مثل في ضيق المسك، وهو ثقبة الإبرة وذلك مما لا يكون فكذا ما يتوقف عليه قال تعالى: [وكذلك نجزي المجرمين (٤٠)] من سورة الأعراف. مثل ذلك الجزاء الفظيع.
(٣) هوى الذي يجعل لله شريكاً قال البيضاوي، لأنه سقط من أوج الإيمان إلى حضيض الكفر.
(٤) فإن الأهواء الرديئة توزع أفكاره.
(٥) بعيد فإن الشيطان قد طوح به في الضلالة فيكون المعنى: ومن يشرك بالله فقد هلكت نفسه هلاكاً يشبه أحد الهلاكين.

<<  <  ج: ص:  >  >>