للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشعر لا يُرَى عليه أثرُ السفر، ولا يعرفه منا أحدٌ حتى جلس إلى النبى صلى الله


= وأنا أقول: الإيمان عقيدة راسخة في النفس توجد الثقة بالله، وتؤكد الاعتماد على الله، والتفويض إليه في تصريف الأمور كما يشاء بلا اعتراض، أو جزع، والشمس المشرقة في القلب تضيئه ليعمل صالحاً، ويتقنه ويراقب فيه فيما ابتغاء رضاه، وخوفا منه جل وعلا، وهو الضمير الذى يعبر عنه أهل المدينة الحديثة بسلوك مناهج الصالحين في نياتها حبا في الله، وأما الإسلام: فمظاهر الدين، وأعمال محسوسة ملموسة تتمثل في إقامة الصلاة، وترى في إخراج الزكاة، ومثلها كطلاء مزخرف تنظر إليه عينك وهو الذى يعنيه الله جل وعلا في قوله لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار كلمارزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذى رزقنا من قبل وأتوا به متشابها ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون) ٢٦ من سورة البقرة. قال البيضاوى: المقصود عطف حال من آمن بالقرآن العظيم ووصف ثوابه على حال من كفر به وكيفية عقابه، وإنما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، أو عالم كل عصر، أو كل أحد يقدر على البشارة بأن يبشرهم، والبشارة: الخبر السار، والصالحات: جمع صالحة وهى من الأعمال ما سوغه الشرع وحسنه، والإيمان عبارة عن التحقيق والتصديق: أس، والعمل الصالح كالبناء عليه، ولا غناء بأس لابناء عليه، ولذك قلما ذكرا منفردين أهـ ص ١٩.
اقرأ القرآن كله تجد تكرار (آمنوا وعملوا الصالحات) لماذا؟ لأن الإيمان شجرة ثمرتها الإسلام، والعمل الصالح زهرته اليانعة، والإيمان كالكهرباء، وأعنى به السر المكنون في قلوب المتقين، ويتجلى نوره بالعمل الصالح الذى يتلألأ، ومصداق ذلك قوله تعالى:
أ - (أفمن شرح الله صدره للاسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين) ٢٣ من سورة الزمر. الله تعالى وفقه حتى تمكن الاسلام في صدره ييسر، قال البيضاوى: عبر به عمن خلق نفسه شديدة الاستعداد لقبوله غير متأبية عنه من حيث إن الصدر محل القلب المنبع للروح المتعلق للنفس القابلة للإسلام، ونور ربه المعرفة، والاهتداء إلى الحق، وعنه عليه الصلاة والسلام: (إذا دخل النور القلب انشرح وانفسح، فقيل: فما علامة ذلك؟ قال الإنابة إلى دار الخلود، والتجافى عن دار الغرور والتأهب للموت قبل نزوله) أهـ ص ٦٣٩.
أ - عمل صالح.
ب - قناعة
جـ - حذر تورع أحكم أموره بالتقوى.
ب - (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام، ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون) ١٢٦ من سورة الأنعام. يتسع صدره للعمل الصالح ويفسح مجاله فى مشروعات الخير، ويميل إلى البر، والمجرم الفاسق ينبو عن قبول الحق، ويبعد عن أوامر الله ولا يدخله الإيمان الباعث على الصالحات والمكرمات (كأنما يصعد في السماء) شبهه مبالغة في ضيق صدره بمن يزاول ما لا يقدر عليه، فإن صعود السماء مثل فيما يبعد عن الاستطاعة، ونبه به على أن الإيمان يمتنع منه كما يمتنع الصعود، وقيل معناه كأنما يتصاعد إلى السماء نبوا عن الحق، وتباعداً في الهرب منه كذلك يجعل الله العذاب أو الخذلان على الكسالى المقصرين في حقوق الإسلام.
ياتاركي الصلاة: أمعنوا في هذه الآية، واعلموا أن أعمال الخير التي أنتم عليها كما تظنون ناقصة، تجادلونني بحسن نياتكم، وعظيم إخلاصكم لربكم، وتجتنبون الإشراك بالله والإضرار بالناس، وتخافون الله فلا تؤذون أحداً، وتقولون: يسامحنا الله في الصلاة، حقا إن الدين معاملة، وحب الخير، والنية الصالحة، ولكن الصلاة عماد الدين، وعبر عنه النبى صلى الله علي هوسلم بركن من أركان الإسلام فأعمالكم كما تظنون - قصر فخم هدمت منه جهة وجسم انشل منه ركن ومنزل تصدع منه جانب؛ وذلك عيب فاضح في منظر المهندسين، أفلا تتوبون إلى الله معى (تبنا إلى الله وعزمنا على طاعة الله وندمنا على ما فعلنا) وتقيمون هذا الركن عسى الله أن يتمم إيماننا =

<<  <  ج: ص:  >  >>