للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما من بقعةٍ يذكر الله عليها بصلاة أبو بذكرٍ إلا استشرفت بذلك إلى منتهاها إلى سبع أرضين، وفخرت على ما حولها من البقاع، وما من عبدٍ يقوم بفلاةٍ من الأرض يريد الصلاة إلا تزخرفت له الأرض (١). رواه أبو يعلى.

٣ - وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان الرجل بأرض قِيٍّ فحانت الصلاة فليتوضأ، فإن لم يجد ماء فليتيمم، فإن أقام صلى معه ملكاه، وإن أذن وأقام صلى خلفه من جنود الله ملا يُرى طرفاه (٢).

رواه عبد الرازق عن ابن التيمى عن أبيه عن أبي عثمان النهدىّ عن سلمان.

وتقدم حديث عقبة بن عامر عن النبى صلى الله عليه وسلم: يعجب (٣) ربك من راعى غنمٍ في رأس شظيةٍ (٤) يؤذن بالصلاة، ويصلى فيقول الله عز وجل: انظروا إلى عبدى هذا يُؤذن، ويقيم الصلاة يخاف منى، قد غفرت لعبدى وأدخلته الجنة. رواه أبو داود والنسائي. وتقدم في الأذان.


(١) النبي صلى الله عليه وسلم يرغب في الصلاة في أي مكان: أي تستبشر به الأرض وتتزين وبتجلى عليه رضوان الله تعالى، وفى ذلك يقول صلى الله عليه وسلم: (أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلى، منها جعلت لى الأرض مسجداً وطهورا فأيما رجل من أمتى أدركته الصلاة فليصل) دين ثابت الأركان وقيم .. يحث على عبادة الله أين سار وأنى شاء، فلا يصح تأخير الصلاة حتى يعثر على مسجد. أريت صلاة النصارى، وهى مقيدة في كنائسهم؟ وصلاة المسلمين في أي بقعة بل إذا كانت في خلوة أو صحراء ضاعف الله ثوابها بقدر إخلاص المصلى ونيته، وبعده عن الرياء. بل تفضل الله وجعل بدل الماء ترابا طهورا يتيمم به، ويرسل سبحانه وتعالى مأمومين من الملائكة وطائفة من جنوده تكون صفين، قال تعالى: (وما يعلم جنود ربك إلا هو).
(٢) لا يعلم مدى هذين الصفين ونهايتهما إلا الخالق جل وعلا، فأنت ترى الترغيب في الصلاة في الصحارى والحقول والمراعى وكل الجهات النائية عن المدينة والحاضرة رجاء أن يصلى المصلون، وعليهم إتمام الركوع والسجود، وباقى الأركان ويخلصون، والله تعالى يضاعف لهم الأجر. أما تأخيرها فحرام وكبيرة.
(٣) يعظم ثواب هذا العمل عند ربك جل وعلا، ويحيطه بالرحمة والغفران.
(٤) قطعة مرتفعة في رأس الجبل - والشظية: الفلقة من العصا ونحوها والجمع الشظايا من التشظى التشعب والتشقق.
رجل يبتعد عن الناس، وعن لهوهم والقيل والقال ويخدم ماشيته ويعيش من كسب طيب ويؤدى حقوق الله كما أمر الله، ومنها أن يؤذن إذا حان وقت الصلاة ويكبر الله ويثنى عليه ويدعو الناس إلى الفلاح والصلاة فيقول الله تعالى لملائكته (انظروا إلى عبدى) يرشدهم إلى جليل حكمته، ويشير إلى قوله تعالى: (وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك) إن الملائكة تعجبوا من أن يستخلف لعمارة الأرض وإصلاحها من يعصى الله فيها كما أخبرهم جل شأنه، وإن ثمرة أعمال هذا الراعى غفران وجنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>