للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحافظة على الصبح والعصر

٧ - وعن أبي بكر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى الصبح في جماعةٍ فهو فى ذمة الله، فمن أخفر ذمة الله كبه الله في النار لوجهه. رواه ابن ماجه والطبراني في الكبير واللفظ له، ورجال إسناده رجال الصحيح.

٨ - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم: قال من صلى الصبح فهو في ذمة الله تبارك وتعالى، فلا تخفروا (١) الله تبارك وتعالى في ذمته، فإنه من أخفر ذمته طلبه الله تبارك وتعالى حتى يُكبه (٢) على وجهه. رواه أحمد والبزار، ورواه الطبراني في الكبير والأوسط بنحوه.

(وفى أول قصة) وهو: أن الحجاج (٣) أمر سالم بن عبد الله (٤) بقتل رجل، فقال له سالم: أصليت الصبح؟ فقال الرجل نعم فقال له انطلق، فقال له الحجاج: ما منعك من قتله؟ فقال سالم: حدثنى أبى أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من صلى الصبح كان في جوار الله يومه: فكرهت أن أقتل رجلاً أجاره الله، فقال الحجاج لابن عمر: أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال ابن عمر: نعم.

(قال الحافظ) وفى الأولى: ابن لهيعة، وفي الثانية: يحيى بن عبد الحميد الحمانى.


(١) فلا تنقضوا عهد الله في أمانة الذى واثقكم به، إذ جمع الذرارى في عالم الأرواح وقال تعالى (ألست بربك؟ قالوا بلى. شهدنا) أخفره: نقض عهده وغدر: الاسم الخفرة: أي الذمة، والخفير: المجير خفر الرجل: أجاره، وتخفر بفلان استجار به وسأله أن يكون له خفيراً ص ١٨٢ مختار الصحاح.
(٢) يصرعه ويرميه بقسوة، وكبكبه: أي كبه، والفعل اللازم أكب هو على وجهه فانكب. قال تعالى (فكبكبوا فيها).
(٣) والى العراق وقد كتبنا لك أيها القارئ حالة الحجاج عند احتضاره لتنهض بنفسك في إبان قوتك بأن تصلى وتعمل صالحا.
(٤) سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب. موظف تحت إمرة الحجاج فجئ إليه بمتهم استحق القتل في نظر الوالى الحاكم المنفذ أوامر الدولة؛ ولكن نور الله تعالى سطع على جبين هذا المتهم ظلما وعدوانا. فأدركه ذلك العالم التقى ابن الورع سلالة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فسأله: أصليت الصبح؟ سؤال بديع خارج عن تنفيذ القانون، ولكن أخذ منه حفيد عمر الاستقامة في ذلك الرجل وإنكار الإجرام لماذا؟ لأنه فقهه أبوه وأفهمه الحكمة فوعى، واسترشد بهداية الله وقد أقنع الحاكم الراعى بصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. فكانت فراسة صائبة ونظرة حكيمة وتؤدة، وخوف من الله في تنفيذ حدوده، ولعلك يا أخى تفهم إذا: السر في قوله صلى الله عليه وسلم: (من أوى إلى الله أواه) ولا تظنن أن صلاة الصبح مع ارتكاب الجرائم والإصرار على الأذى يمنعك من عقاب الله وعقاب أولى الأمر. بل إن صلاة الصبح مدعاة للتوبة. والإقلاع عن المعاصى، وبذا تعمك رحمة الله، ويشرق قلبك في شموس هدى الله وعونه وحفظه فهل تعاهدنى على صلاة الفجر مع العمل الصالح؟ لتأمن من الزلل دنيا وأخرى وفقنا الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>